مقالات الكتاب

وصفة أخلاقية …

أ.د. / ناصر الفضلي
رئيس مركز لندن للاستشارات و الأبحاث


الاستماع والإنصات هما عبارة عن عملية يعطي فيها المستمع اهتماماً وتركيزا خاصاً للطرف الآخر، حيث يعتبر الاستماع مهارةً وفناً، لتآزر كلٍ من التفكير والسمع مع بعضهما البعض، الاستماع ليس مهارة فحسب، بل هو وصفة أخلاقية علينا أن نتعلمها، و أن نستمع لغيرنا، والإنصات هو أعلى درجة من الاستماع بحيث يوصف بالانتباه القوي والتركيز الشديد، أو ما يعرف بالاستماع اليقظ كما جاء في قوله تعالى: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الأعراف ١٧٦] وأهمية الاستماع والإنصات، أننا إذا أردنا فهم الآخر فعلينا أولاً أن نستمع له وننصت ثم سيفهمنا هو إن تحدثنا إليه بوعي حول ما يدور في نفسه.


عليك أن تستمع وبإخلاص لمن يحدثك، لكي تفهمه، لا لكي تخدعه أو تلتقط منه عثرات وزلات من بين كلامه، استمع وأنت ترغب في الفهم، لا تجهز الرد في نفسك وأنت تستمع له، ولا تستعجل الرد على من يحدثك، تستطيع تأجيل الرد لمدة معينة حتى تجمع أفكارك وتصيغها بشكل جيد، فمن الخطأ الاستعجال في الرد، لأنه يؤدي بدوره لسوء الفهم.


اتجه بجسمك كله لمن يحدثك، فإن لم يكن، فبوجهك على الأقل، لأن المتحدث يتضايق ويحس بالإهمال إن لم تنظر أو تتجه إليه،
بيِّن للمتحدث أنك تستمع وتنصت، بين ذلك بالحركات والكلمات.


لا تقاطع أبداً، ولو طال الحديث! وهذه وصفه أخلاقية حلت مشاكل كثيرة بالاستماع فقط، لذلك لا تقاطع و استمع للنهاية، لكي لا يحدث سوء فهم، فتفسر كلام المتحدث من وجهة نظرك أنت،  عليك أن تنظر إلى الأمور من منظوره، وإن تعاملت بهذه المهارة فستجد أنك سريع التفاهم مع الغير.


حاول أن تتوافق مع حالة المتحدث النفسية، لأنه يريد الحديث لمن سيستمع له.


عندما يتكلم أحدنا عن مشكلة أو أحزان فإنه يعبر عن مشاعر، لذلك عليك أن تلخص كلامه، وتعكسه على شكل مشاعر يحس هو بها،
إن الاستماع ليس متعبا، بل هو فن ومهارة ضرورية تزيل بها كل الخلافات وسوء الفهم و تعزز عملية الاتصال والتواصل الفعال مع الآخرين.


لن تخسر شيئًا إن استمعت بعمق لمن يتحدث إليك، بل ستزداد وعيًا للأمور من خلال زوايا وجهات النظر المختلفة. استمع كما تحب أن يستمع لك الآخرون…


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى