بعد غياب استمر عامين بسبب ظروف الجائحة الصحية المتمثلة في كورونا وتداعياتها التي أصابت كل الانشطة بالشلل التام لاسيما المناسبات نتيجة للاغلاقات المتكررة، والحظرين الجزئي والكلي، والاجراءات الاحترازية، والتباعد الجسدي والاجتماعي، عادت الغبقات الرمضانية بقوة هذا العام في شهر رمضان عقب رفع الاجراءات الاحترازية الخاصة بكورونا والعودة الى الحياة الطبيعية، وسط استعراض انتخابي مبكر.,”الغبقات الرمضانية” تعود من بوابة السياسة، وذلك عن طريق نواب مجلس الأمة الذين ما إن هل هلال شهر رمضان المبارك إلا وبات التسابق النيابي على إعلان أنشطتهم الرمضانية وموعد غبقاتهم سيد الموقف مع انطلاق شهر الصيام، وحرصهم على نشر صور وفيديوهات تركز على إظهار زحمة في الحضور بغبقاتهم عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.,وهذا ربما أمر اعتيادي خاصة بعد غياب الغبقات الرمضانية عن ساحة النواب السياسية عامين بسبب كورونا لكن ما زاد الوضع احتداما على الغبقات النيابية هو تطورات الوضع السياسي السريعة جدا التي بدأت باستجواب سمو رئيس الوزراء المستقيل الشيخ صباح الخالد وما آلت اليه الظروف من توقيع عشرة نواب لكتاب عدم التعاون، وربما حدث غير المتوقع بعد أن وصل عدد المؤيدين لعدم التعاون إلى 26 نائبا، وحتى من كانوا بالخارج من النواب المؤيدين لهذا الطلب عادوا للبلاد من أجل المشاركة في عدم التعاون، هذا الأمر أدى بالفعل إلى استقالة رئيس الحكومة ووزرائه وإلغاء جلسة التصويت على عدم التعاون التي كانت من المفترض الاربعاء الماضي بسبب استقالة الحكومة كما أعلن رئيس مجلس الامة مرزوق الغانم.,الخوف يسود أروقة النواب الذين يتجهون سريعا لاقامة غبقاتهم بأسرع وقت ممكن من اجل الالتفاف على ناخبيهم مع خشيتهم من حل المجلس والتوقعات بإجراء انتخابات مبكرة بعد الحل اذا حصل، فالدوائر الانتخابية تزدحم بإعلانات الغبقات النيابية دون تنسيق مسبق بين النواب آخذين بمقولة “اللهم نفسي”.,الديوانيات النيابية تفتح من جديد والدعوة الحميمة من قبل النواب تعود لناخبيهم؛ خوفا من الحل في داخل نفوس النواب الذين شمروا عن سواعدهم ليقولوا جميعا لا نخشى حل المجلس، وهذا ما قالوه بأفواههم، ولكن ما تكن صدورهم ربما أمر آخر.,الجميع يتفق من خلال التصريحات النيابية في الغبقات الرمضانية على ان الحل بيد سمو الامير ولكن ربما ما حملوه في قلوبهم من خوف اكبر، وتمنياتهم أن تمر الازمة السياسية على خير بلا حل للمجلس، فربما عودة بعضهم لن تكون مضمونة. ,أحد الناخبين كتب في “تويتر” مستغربا بقوله: كنا نتصل بأحد النواب دائما ولا يجيب، واليوم هو من يتصل ليدعونا الى غبقته الرمضانية، معلنا استعداده لأي خدمات.,الوضع السياسي لا يزال يحمل نتائج مجهولة في ظل عدم قبول استقالة الحكومة، والنواب يترقبون الامر، فهم يعلنون استقبالهم لناخبيهم يوميا بعد صلاة التراويح من أجل التأكد من وجودهم، وتفقدهم واحدا واحدا، ولم يقتصر الوضع فقط على الغبقات إنما شهدت وسائل التواصل الاجتماعي وجودا مكثفا لنواب الامة لاسيما في “تويتر” أو “السناب شات”، فهذا يقدم النصائح الدينية، وآخر يعلن دوراته الرياضية، والبعض الاخر يدعو ناخبيه وهو بانتظارهم في ديوانيته وغبقته اليومية حتى وصل الحال الى حدوث تخمة بالغبقات الرمضانية.,الحال لم تقتصر فقط على النواب إنما حتى المرشحون عادوا من جديد الى صفوف ناخبيهم من بوابة الغبقات والدورات الرياضية الرمضانية، واتجهوا الى نفس اسلوب النواب بالدعوة والتواجد في وسائل التواصل الاجتماعي وتقديم أذكار الصباح والمساء، والتذكير بأهمية رمضان وصلاة التراويح وغيرها، ناهيك عن البعض من النواب والمرشحين في وسائل التواصل الاجتماعي الذين باتوا ينافسون مشاهير التواصل خلال هذه الفترة بوجودهم المستمر.,الوضع السياسي غير المستقل، والنتائج المجهولة حتى الآن سرعا عملية تسويق النواب والمرشحين لأنفسهم أمام ناخبيهم سواء كان ذلك من خلال الغبقات او الحديث في وسائل التواصل الاجتماعي، والجميع يكثر من الترحيب بالناخبين في وقت كانت ديوانيات النواب والمرشحين مغلقة لاشعار اخر منذ عامين الى ما بعد استجواب رئيس الوزراء، وتقديم كتاب عدم التعاون واستقالة الحكومة، ربما الايام القادمة حبلى بالمفآجات السياسية على مائدة الغبقات الرمضانية مع صوت النائب للناخبين بعد العودة للغبقات: وينكم من زمان وحشتونا.,
● فهد التركي
المصدر: جريدة الجريدة الكويتية