
يشهد العالم اهتماماً غير مسبوق بالتنمية المستدامة مثل التمويل المستدام «Sustainable Finance» والمواضيع والعوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة المؤسسية «ESG» المتعلقة به، وذلك استجابةً للحاجة الماسة لها بسبب تأثير النمو الاقتصادي على البيئة، كما يساهم التمويل المستدام في توجيه رؤوس الأموال إلى مشاريع مستدامة من خلال إصدار وإدارة الأدوات المالية المستدامة والخضراء لتمويل مشاريع تقع ضمن برامج وأجندات التنمية المستدامة. ومن هذا المنطلق قامت هيئة أسواق المال باتخاذ الخطوات اللازمة لدراسة إمكانية تطبيق ضوابط التمويل المستدام في المجالات الخاضعة لرقابتها، بهدف تضمين عوامل الاستدامة «البيئية والاجتماعية والحوكمة» في القطاع المالي، وسعياً لمواكبة التوجه العالمي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتحويل أسواق المال إلى أسواق أكثر استدامة. ,وأوضحت الهيئة، في بيان لها، أن العديد من المشاريع المدرجة في الخطة الإنمائية متعلقة بالتنمية المستدامة بشكل مباشر، حيث ان انطلاقة هذه الجهود والمبادرات تأتي متوافقة مع رؤية الكويت لعام 2035 والأهداف طويلة المدى للتنمية المستدامة، وترتكز على خمسة موضوعات ونتائج مرجوة، وسبع ركائز متوافقة مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة «SDGs» وهي كالتالي:,1- مكانة دولية متميزة.,2- بنية تحتية متطورة.,3- رأس مال بشري إبداعي.,4- إدارة حكومية فاعلة.,5 – عاية صحية عالية الجودة.,6 – اقتصاد متنوع مستدام.,7 – بيئة معيشية مستدامة.,وأضافت “هيئة ألأسواق” أنه تحقيقاً لأحد أهم أهداف الهيئة الاستراتيجية الحيوية والمتمثل بتطوير البنية التشريعية والتنظيمية لأسواق المال، واستكمالاً لمبادراتها في هذا المجال وفقاً لأفضل الممارسات العالمية والتوصيات الصادرة عن المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية «IOSCO» مع الأخذ بالاعتبار رؤى أصحاب المصلحة، فقد قرر مجلس مفوضي هيئة أسواق المال باجتماعه المنعقد بتاريخ 24 /8 /2022 بإدخال حزمة من الإضافات التشريعية والتعديلات على كتب اللائحة التنفيذية للقانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية وتعديلاتهما ذات العلاقة بضوابط التمويل المستدام على النحو التالي: ,• إضافة تعريف لمصطلحي “الاستدامة” و”صندوق مستدام” في الكتاب الأول «التعريفات» من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية وتعديلاتهما ذات العلاقة.,• إضافة عناصر الاستدامة بشكل اختياري في نظم إدارة المخاطر للشخص المرخص له في الكتاب السادس «السياسات والإجراءات الداخلية للشخص المرخص» من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية وتعديلاتهما ذات العلاقة.,• إضافة مواد تبين القواعد التنظيمية الخاصة بتقرير الاستدامة للشركات المدرجة في الكتاب الثاني عشر «قواعـد الإدراج» من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية وتعديلاتهما ذات العلاقة.,• إضافة “الصندوق المستدام” مع بيان ضوابط الاستثمار في هذا نوع من الصناديق في الكتاب الثالث عشر «أنظمة الاستثمار الجماعي» من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية وتعديلاتهما ذات العلاقة.,• تضمين مواضيع الاستدامة في دور مجلس الإدارة والاستراتيجية الشاملة للشركة في الكتاب الخامس عشر «حوكمة الشركات» من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية وتعديلاتهما ذات العلاقة.,هذا وتعتبر التعديلات المشار إليها أعلاه متوافقة مع توصيات المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية «IOSCO» الصادرة عن لجنة التنمية والأسواق الناشئة «GEMC» والواردة في تقرير (ٍSustainable Finance in Emerging Markets and the Role of Securities Regulators»، والمعايير العالمية، وأفضل الممارسات المطبقة لدى الجهات الرقابية الإقليمية والعالمية في مجالات التمويل المستدام.,وفي التفاصيل، يمكن القول، إن توجه هيئة أسواق المال للتوصل إلى منظومة تشريعية متكاملة خاصة بمقتضيات التمويل المستدام أصبح قاب قوسين أو أدنى، خصوصاً مع إصدارها أخيراً تعديلاتها على اللائحة التنفيذية لقانون إنشائها رقم 7 لسنة 2010 لتطبيق مبادئ وأهداف التنمية المستدامة، بعد مسار مطول بدأته بصورة جلية في يناير من العام الماضي., وتجدر الإشارة إلى جهود ومبادرات متفرقة سبقت ذاك التاريخ أفضت لما يمكن اعتباره «مرحلة إعداد تمهيدية»، بدأتها في استراتيجيتها الراهنة للأعوام «2018/2023» حينما جعلت من «التنمية المستدامة» واحداً من محاورها الرئيسية الأربعة، إذ سعت الهيئة من خلالها إلى إرساء بنيةٍ تحتية ومؤسسية قادرة على استيعاب متطلبات الاستدامة مستقبلاً، سواء ما تعلق منها برأس المال البشري أو التقني والمعلوماتي، بموازاة ذلك تبنت توجهات عدة تندرج في إطار الاستدامة ذاتها في جانبها المعرفي، وتحديداً على صعيد النهوض بمستويات الثقافة المالية والاستثمارية والقانونية ذات الصلة بأسواق المال. ,أما استراتيجيتها القادمة للأعوام «2023-2024/2026/2026» فتؤسس لآفاق أوسع في مجالات عدة تفضي بمجملها إلى استدامة تنموية مطلوبة من خلال مبادرات عدة على صعيد الشمول المالي، والتميز المؤسسي، وتبني التقنيات الحديثة وتحفيز الابتكار في مجال عملها الرقابي، وغيرها.,
عصر التنمية المستدامة… والتمويل المستدام
,الاهتمام العالمي غير المسبوق بمجالات التنمية المستدامة خلال العقد الأخير على وجه التحديد، له بكل تأكيد مبرراته، إذ ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن النمو الذي شهده الاقتصاد العالمي خلال النصف الثاني من القرن الماضي كان بشكلٍ أو بآخر على حساب البيئة، مما أدى إلى عواقب وخيمة تمثل اليوم تهديداً جدياً للبشرية لاسيما ما اتصل منها بالتغير المناخي، والتدهور البيئي بمختلف أشكاله: كالتلوث، والتصحر وانحسار الغطاء النباتي، وانقراض الكائنات الحية، واستنزاف الموارد الطبيعية. ,ومن هنا انبثقت أهمية التنمية المستدامة التي تعني تنمية اقتصادية، وحمايةً للبيئة، ومراعاة لعوامل الاستقرار الاجتماعي من خلال محاربة الفقر، وتكريس أسس العدالة الاجتماعية، ومعالجة قضايا الانفجار السكاني. ,بعبارةٍ أخرى، لم تعد قضايا التنمية المستدامة خياراً، بل أصبحت مطلباً ملحاً عاجلاً، وهذا ما أكدته جائحة كورونا، وتداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية التي كشفت عن تهديدات جدية للاستقرار الاجتماعي في بلدانٍ عدة في ظل غياب التنمية المستدامة.,والاهتمام العالمي بقضايا التنمية المستدامة آنف الذكر، رافقه اهتمام مماثل من المؤسسات التجارية وأسواق المال العالمية بما يعرف بالتمويل المستدام مع ظهور الحاجة الماسة لتضمين الاعتبارات البيئية، والاجتماعية، والحوكمة المؤسسية، في عملياتها التشغيلية وتقييم مخاطرها. خصوصاً أن هذا النوع من التمويل يساعد كثيراً في توجيه رؤوس الأموال إلى مشاريع مستدامة من خلال إصدار وإدارة الأدوات المالية المستدامة والخضراء لتمويل مشاريع تندرج في أطر خطط التنمية المستدامة. ,وهذا ما يؤكده النمو المتسارع لحجم الاستثمارات المستدامة على مدار السنوات القليلة الماضية. الأمر الذي أناط بالسلطات الرقابية على أسواق المال والبورصات والمنظمات العالمية مهام إضافية تتصل بتوفير الأطر التنظيمية والرقابية والمبادئ والإرشادات المنظمة لعمليات التمويل المستدام.,
ماذا عن جهود هيئة أسواق المال الكويتية على صعيد التنمية المستدامة؟
,يمكن اعتبارقواعد حوكمة الشركات لدى الهيئة «الكتاب الخامس عشر من كتب لائحتها التنفيذية» المطبقة منذ عام 2016، اللبنة الأولى في مسار التنمية والتمويل المستدامين حيث ضمنتها بعضاً من عوامل الاستدامة «البيئية والاجتماعية والحوكمة» في القطاع المالي. ,كما أكدت أهمية التزام الشركات بالمسؤولية الاجتماعية في عملها سواءً بالنسبة لموظفيها أو نحو المجتمع بشكلٍ عام.,ومنذ ذلك الحين، قامت الهيئة بمبادرات عدة تندرج في هذا الإطار، فعلى الصعيد البيئي قامت بإعداد الإطار التشريعي ذي الصلة بأدوات الدين الخضراء «السندات والصكوك»، تمهيداً لتخصيصها لتمويل أو إعادة تمويل المشاريع الخضراء صديقة البيئة، والعمل على توافق أدوات التمويل الخضراء مع المعايير الدولية، كمبادئ السندات الخضراء الصادرة عن رابطةأسواق المال الدولية، وأية أطر عالمية ذات صلة. ,اجتماعياً، ثمة جهود للهيئة لتنظيم إطلاق السندات والصكوك الاجتماعية المستدامة، والصناديق الاستثمارية المستدامة، أما في الجانب التوعوي، فيمكن الإشارة إلى مشاريع الهيئة المتعلقة بالاختبارات التأهيلية للوظائف واجبة التسجيل الهادف لرفع كفاءة العاملين لدى أطراف منظومة أسواق المال، ووضع الإطار التنظيمي للتقنيات المالية، وتأسيس أكاديمية أسواق المال.,
بنية تحتية أساسية
,استبقت الهيئة قرارها الصادر في يناير من عام 2021 بتشكيل فريق عمل لدراسة واستيفاء متطلبات البنية التشريعية والتنظيمية التحتية اللازمة لتطبيق مبادئ وأهداف التنمية المستدامة وفق أفضل الممارسات الدولية، بإجراءات عدة بدأتها بتشكيل لجنة توجيهية للتنسيق مع المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية «أيسكو» بهدف توفيق ممارسات الهيئة في مختلف أوجه نشاطها- بما فيها قضايا التنمية المستدامة – مع معايير المنظمة الدولية، حيث تم في هذا الإطار، الاجتماع مع فريق المرصد الوطني للتنمية المستدامة، ودراسة التوجه العام لدى الجهات الحكومية والأشخاص المرخص لهم من الهيئة ورؤاهم بشأن التمويل المستدام، إضافةً إلى مراجعة توصيات الأيسكو بشأن الاستدامة.,هذا، ويمكن القول إن جهود فريق العمل المكثفة على مدار ما ينيف على عام ونصف العام من مباشرته مهامه أفضت إلى إنجاز معظم المهام المنوطة به، والتي تشكل بمجملها ما يمكن اعتباره الإطار التشريعي والتنظيمي العامل لتطبيق أدوات التمويل المستدام وفق أفضل الممارسات الدولية، والتي توجزها الدراسة الشاملة التي أنجزها فريق العمل في يوليو الماضي، ومن خلال تتبعنا لجهود الهيئة خلال السنتين الأخيرتين، يمكننا إيجاز أبرز المحطات التي سلكتها في مسار توصلها لهذا الإنجاز، المتمثل بوضع الإطار التشريعي المطلوب، والذي يُعد بمنزلة البنية التحتية الأساسية للتمويل المستدام، بالآتي:,
دراسة استقصائية واسعة النطاق
,نقطة البداية في عمل الهيئة على صعيد توفير الإطار التشريعي والتنظيمي المطلوب لقضايا التمويل المستدام، كان توجهها لإجراء دراسة واسعة النطاق، شملت بالبحث والتحليل العديد من الجوانب، مثل: ,- واقع التنمية والتمويل المستدامين لدى بعض المنظمات الدولية، كالأمم المتحدة، التي تبنت برنامجاً للتنمية المستدامة لعام 2030، بهدف تحقيق السلام والازدهار لسكان كوكب الأرض، ومبادرات عدة، كمبادرة التمويل لبرنامجها الخاص بالبيئة، وميثاقها العالمي، ومبادرتها لبورصات أسواق المال المستدامة، إضافة إلى الاتفاقية الإطارية بشأن تغير المناخ. ,والمنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية التي أسست شبكة للتمويل المستدام، وبعض لجانها، كلجنة النمو والأسواق الناشئة التي قدمت توصيات عشر للجهات الرقابية الأعضاء لديها لأخذها بعين الاعتبار عند إصدار قواعد وإرشادات متعلقة بالأدوات المالية المستدامة، ومتطلبات الإفصاح المتعلقة بمخاطر الاستدامة.,- معايير إعداد تقارير الاستدامة التي تركّز على العوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة. ولعل الأبرز في هذا المجال، المعايير الصادرة عن: «المبادرة العالمية للتقارير، مجلس معايير محاسبة الاستدامة، مشروع الإفصاح عن الكربون، وحدة العمل للإفصاحات المالية المتعلقة بالمناخ، مجلس معايير الإفصاحات المناخية».,- معايير تصنيف الاستدامة لدى أبرز وكالاتها المتخصصة «MSCI، FTSE Russel، S&P،Sustainalytics، RepRisk»، ومؤشرات الأسواق المستدامة «MSCI، FTSE Russel، S&P».,- الأدوات المالية المستدامة، كالسندات بأنواعها المختلفة: «الخضراء، والاجتماعية، والمستدامة، وتلك المرتبطة بالاستدامة»، وحجم إصداراتها، ومكونات كل منها، والمبادئ والإرشادات المتعلقة بها.,- أدوات رأس المال المستدامة: والتي تعني الاستثمار في رؤوس أموال الشركات المدرجة أو الخاصة، من خلال الصناديق الاستثمارية، أو من خلال الملكيات المباشرة، استناداً إلى المبادئ العامة، كمبادئ الأمم المتحدة للاستثمار المسؤول، وتصنيف الشركات من قبل وكالات تصنيف الاستدامة، ومؤشرات الأسواق المستدامة. أما استراتيجية دمج العوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة، فكانت الأمثل وفقاً لما خلصت إليه الدراسة.,- بناء القدرات والمهارات والخبرات: بهدف إكساب الخبرات للأطراف المعنية بالتمويل المستدام، حيث تم في هذا الإطار دراسة العديد من البرامج العالمية «أكاديمية مبادئ الاستثمار المسؤول، أكاديمية الميثاق العالمي للأمم المتحدة، شهادة معهد المحلل المالي المعتمد في الاستثمار المستدام، المعهد المعتمد للأوراق المالية والاستثمار،….»، وبرامج إقليمية «معهد حوكمة الشركات، أكاديمية سوق أبوظبي العالمي، المركز الإقليمي للتمويل المستدام».,
مقارنة الأطر التنظيمية والجهود المتعلقة بالتمويل المستدام لدى الجهات الرقابية المثيلة
,قامت الهيئة بإجراء دراسة تحليل مقارنة للأطر التنظيمية المتعلقة بالتمويل المستدام لدى جهات رقابية مثيلة لدى بعض الدول الإقليمية والعالمية، كدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والمملكة المغربية، وجمهورية مصر العربية، وماليزيا، حيث تم استخدام التوصيات العشر للمنظمة الدولية للأوراق المالية كعوامل مقارنة، وتم استخلاص نتائج مهمة شكلت أحد العوامل التي تم أخذها بالحسبان حين إجراء التعديلات التشريعية. ,
استطلاعات للرأي
,في أبريل الماضي، قامت الهيئة بتوجيه استبيانات متعلقة بتعديلاتها المقترحة على بعض كتب لائحتها التنفيذية بشأن مقتضيات التمويل المستدام إلى 40 جهة، تم تصنيفها في مجموعات ست «الشركات المدرجة، الشركات المدرجة المستدامة، الأشخاص المرخص لهم، المستثمرون المؤسسيون، المراجعون الخارجيون، الجهات الرقابية». لتقوم لاحقاً بدمج نتائج تلك الاستبيانات مع توصيات المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية للتوصل إلى استنتاجات خاصة بكل توصية من توصياتها العشر، ومراعاتها حين إجراء التعديل.,
إطار تشريعي عالمي المعايير
,النتائج التي أفضت إليها الجهود السابقة «دراسة وتقييم منظومة التنمية والتمويل المستدامين، التحليل المقارن للأطر التنظيمية المتعلقة بالتمويل المستدام لدى الجهات الرقابية المثيلة، دراسة وتحليل نتائج استطلاعات الرأي» ساعدت بمجملها في التوصل إلى تصور متكامل للتعديلات المطلوب إجراؤها على كتب اللائحة التنفيذية لقانون إنشاء الهيئة. ,ومع الاسترشاد بتوصيات المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية الصادرة عن لجنة التنمية والأسواق الناشئة، والتي تغطي جميع الجوانب التي تسهم في تطوير أسواق رأسمال مستدامة، مع التركيز على دمج موضوعات الاستدامة في عملية تقييم المخاطر الشاملة والحوكمة لدى الشركات المدرجة، والكيانات الخاضعة لرقابة الهيئة.,كما رُوعي عند تحديد التعديلات المطلوبة ضرورة اتساقها مع أحدث المعايير والممارسات العالمية المطبقة على صعيد التمويل المستدام لدى الجهات الرقابية العالمية والإقليمية.,والآن، ماذا عن أبرز تعديلات اللائحة… ذات الصلة بالتنمية والتمويل المستدامين؟,تشمل التعديلات التي أعلنتها الهيئة أخيراً، كتباً 5 من كتب اللائحة التنفيذية لقانون إنشاء الهيئة، وهي على التوالي: الكتاب الأول «التعريفات»، الكتاب السادس «السياسات والإجراءات الداخلية للشخص المرخص له»، الكتاب الثاني عشر «قواعد الإدراج»، الكتاب الثالث عشر «أنظمة الاستثمار الجماعي»، الكتاب الخامس عشر «حوكمة الشركات»، تناولت جوانب بالغة الأهمية، كان من أبرزها:,
الاستدامة: تنمية بركائز 3
,قدّمت التعديلات تعريفاً للاستدامة باعتبارها التنمية التي تفي باحتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها الخاصة، أما ركائزها وفقاً للتعديلات الأخيرة، فثلاثة: الاقتصاد، البيئة، والمجتمع.,
استدامة اختيارية… في إدارة المخاطر
,نظم إدارة المخاطر هي جزء أساسي في الإدارة الاستراتيجية للشخص المرخص له، لذا يجب أن تشمل على الجوانب الرئيسية التي تمكّنه من تحديد وتحليل وقياس وتقييم المخاطر وإدارتها وآليات متابعتها. التعديلات الأخيرة أضافت شمول عناصر الاستدامة بشكل اختياري لتشجيع الأشخاص المرخص لهم على تضمين عناصر الاستدامة في نظم إدارة المخاطر الخاصة بهم تماشياً مع أفضل الممارسات العالمية. ,
ولقواعد الإدراج… نصيباً في التعديلات
,ركزت التعديلات المتصلة بتطبيق مبادئ وأهداف التنمية المستدامة على صعيد قواعد الإدراج على إضافة القواعد التنظيمية الخاصة بتقرير الاستدامة للشركات المدرجة، حيث أجازت لها إصدار تقريرها السنوي عن الاستدامة، ونشره في موقعها الإلكتروني، على أن يشمل التقرير المطلوب توضيحاً لتأثير أنشطة الشركة على كلٍ من البيئة والمجتمع والاقتصاد، كما يعرض لفرص ومخاطر الشركة المرتبطة بتلك المجالات، كما حددت متطلبات خاصة بالمعلومات المتضمنة في التقرير، كالدقة والوضوح والشمول لكل الموضوعات ذات الأثر البيئي والاجتماعي والاقتصادي، وذلك على نحوٍ يمكن أصحاب المصلحة من تقييم مستوى الاستدامة لدى الشركة خلال فترة التقرير، وأن يتم إعداد التقرير وفقاً لمعيار واحد أو أكثر من المعايير الدولية الخاصة بتقارير الاستدامة.,
صناديق…. مستدامة!
,تناولت التعديلات بعض أحكام أنظمة الاستثمار الجماعي، فقدّمت تعريفاً للصندوق المستدام باعتباره الصندوق الذي يتبنى واحداً أو أكثر من الاعتبارات البيئية أو الاجتماعية أو الحوكمة في سياساته أو استراتيجيته الاستثمارية التي يتم تحديدها في النظام الأساسي، ويعد الصندوق المستدام أيضاً صندوقاً مسؤولاً، حيث إن الاستثمار المستدام والمسؤول يحملان المفهوم نفسه.,كما تم اعتبار “الصندوق المستدام” نوعاً جديداً يضاف إلى الأنواع العشرة للصناديق المصنفة وفق نشاطها. كما تم وضع ضوابط للاستثمار في الصناديق المستدامة، إضافة لتحديد شروط وضوابط لهذه النوعية من الصناديق، كالتوافق مع أحد المبادئ أو الأهداف العالمية أو المحلية للاستدامة، وأن يتضمن عنصراً واحداً على الأقل من عناصر الاستدامة البيئية والاجتماعية والحوكمة.,
استراتيجيات… الاستثمار المستدام!
,شملت التعديلات المتصلة بأنظمة الاستثمار الجماعي أيضاً، ضرورة تضمين النظام الأساسي للصندوق تحديداً لاستراتيجية الاستثمار المتبعة من قبله، والتي ستكون واحدة من استراتيجيات الاستثمار المستدام المتبعة، والتي تتراوح بين:,- الانتقاء السلبي: وتعني استبعاد الشركات، أو القطاعات، أو الدول التي ترتبط بأنشطة غير متوافقة مع المعايير العالمية المتعلقة بالعوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة من مكونات الصندوق.,- الانتقاء الإيجابي: وتعني الاستثمار في الشركات، والقطاعات، والمشاريع التي تتفوق على نظيراتها في المقاييس البيئية والاجتماعية والحوكمة، أو الشركات التي تحقق تطوراً أسرع في هذا المجال، أو الشركات التي تعالج تحدياتٍ بيئية أو اجتماعية أو متعلقة بالحوكمة.,- دمج عوامل الاستدامة: وتعني تضمين معلومات بيئية واجتماعية ومتعلقة بالحوكمة في التحليل الاستثماري وعملية اختيار استثمار الصندوق.,- الاستثمار المؤثر: وتعني الاستثمار الذي يستهدف تحقيق أثر اجتماعي، أو بيئي محدد، أو تحقيق حلول اجتماعية، أو بيئية. وتكون قابلة للقياس. ,وغيرها من الاستراتيجيات الاستثمارية القائمة على تبنّي عوامل الاستدامة.,
مجلس إدارة الشركة… مهام ومتطلبات إضافية!
,تعديلات الاستدامة تناولت أحكام قواعد حوكمة الشركات أيضاً، حيث تم التركيز في هذا الإطار على القاعدة الخاصة بالتحديد السليم للمهام والمسؤوليات، وتحديداً دور مجلس الإدارة في الشركة، حيث جعلت من “تضمين عبارات الاستدامة المتمثلة بالمواضيع البيئية والاجتماعية والحوكمة في عمليات الشركة إن تطلّب الأمر” مهمة إضافية تناط بمجلس إدارة الشركة، إضافةً إلى مهام أخرى كوضع خطة أو سياسة لتضمين عوامل الاستدامة في الاستراتيجية الشاملة للشركة، وخطط العمل الرئيسية، وعملية قياس وإدارة المخاطر إن تطلّب الأمر. الأمر الذي يوجب على مجلس الإدارة امتلاك القدرة على الإلمام بمخاطر الاستدامة المتمثلة بالمواضيع البيئية والاجتماعية والحوكمة.,تجدر الإشارة إلى أن هذه التعديلات التي كانت نتاج جهودٍ دؤوبة من الهيئة، أتت ترجمة لتبنيها مبادئ وأهداف التنمية المستدامة، وبما يتوافق مع أفضل الممارسات العالمية، لاسيما التوصيات الصادرة عن المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية «الأيسكو». الأمر الذي يدفعنا للقول بأننا على أعتاب التأسيس لمنظومة تشريعية متكاملة للتمويل المستدام محلية الهوية عالمية المعايير. ,
المصدر: جريدة الجريدة الكويتية