يشهد العالم اليوم ثورة من المعلومات المتسارعة في تجددها، فقد تزايدت المعرفة وتنوعت بشكل كبير، فأصبحت التكنولوجيا لغة هذا العصر الأولى بما تتضمنه من سهولة الوصول إلى مما جعل الكتاب المدرسي مصداً غير كافٍ للحصول عليها والطرق التدريسية المعتادة لم تعد قادرة لوحدها القيام بمهمة تزويد المتعلمين بهذا الكم الهائل من المعرفة، فالتعليم والمعرفة ومصادرها أصبحت متوفرة من أي مكان وفي أي وقت من خلال تقنيات الانترنت، الا ان التحدي الكبير يكمن فالقدرة على استغلال تلك التقنيات وتوظيفها في العملية التعليمية سعياً للنهوض بالتعليم وتطويره في جميع المواد الدراسية.
على الرغم من أهمية تطبيقات تكنولوجيا المعلومات في عملية التدريس الا انها لا يمكن ان تحل محل التفاعل الناتج من التواصل الإنساني بين المعلم والمتعلم، فوظيفة التكنولوجيا هي مساعدة المتعلم في الحصول على المعلومة، فالتطور التكنولوجي مهما سما وتطور الا انه لا يغني عن الطرق التقليدية في العملية التعليمية، فالتعلم الالكتروني لن يكون بديلاً عن التعلم التقليدي ولا عن المعلم او الفصل الدراسي.
ومن هنا ظهر مفهوم التعلم المدمج (Blended Learning)، وهو التعلم الذي يجمع بين مميزات التعلم الالكتروني والتعلم التقليدي، ويعد التعلم المدمج أحد المداخل الحديثة القائمة على استخدام تكنولوجيا المعلومات في تصميم مواقف تعليمية جديدة والتي يمكن ان تحقق تعلماً متميزاً وفعالاً.
الا أن هنالك أموراً باتت تعيق عملية استخدام هذا النوع من التعلم المدمج في التدريس، ومنها تقبل المعلمين لاستخدام أجهزة التقنية الحديثة ودمجها في الحصص الدراسية التقليدية بشكلٍ متوازن ومنظم وفق خطوات متسلسلة تحقق الفائدة المرجوة منها.
ان تقبل التقنيات المعلوماتية الحديثة وانتشارها يعتبر من المواضيع التي تم دراستها بشكل موسع في عدة تخصصات علمية وقد ظهرت العديد من النظريات التي تحاول تفسير كيف تنجح هذه التقنيات في الانتشار والتقبل من قبل المستخدمين ولعل من احدث تلك النظريات نظرية تقبل التكنولوجيا (TAM) Technology Acceptance Model والتي قام Davis ببنائها وتطويرها من خلال نظرية الفعل المسبب، وفي محاولة لتفسير كيف يتم تقبل التقنيات الجديدة، وهي في مفهومها المبسط تزعم ان الاستخدام او التقبل لنظام او تقنية حديثة يمكن تفسيره من خلال قياس عاملين أساسيين هما: الفائدة المتوقعة والسهولة المتوقعة واللذان بدورهما يشكلان توجهات المستخدمين نحو تقبل واستخدام هذه التقنية، كمل تؤكد هذه النظرية على ان هنالك عوامل أخرى تؤثر في التقبل والاستخدام والتي اسمتها النظرية (العوامل الخارجية)، والتي تلعب دوراً بارزاً في مستوى التقبل وتؤثر تأثيراً مباشراً على العاملين الأساسيين في النظرية.
ان عملية توظيف الحاسوب في التدريس في دولة الكويت وخاصة في المرحلة الابتدائية لا زالت تواجه عزوفاً قوياً من قبل المعلمين كذلك استخدام تقنيات الاتصال الحديثة في التدريس ما هي الا تجارب بسيطة لم ترى النور بعد رغم توافر الكثير من الوسائل والسبل التي تعين على الاستخدام الأمثل لهذه التقنيات.
تتخلى أهمية التعلم المدمج في تلبية حاجة المتعلمين في الحصول على المزيد من المعلومات وتوظيفها في تحقيق التعلم مستخدمين تقنية المعلومات والاتصالات المتوفرة في بيئة التعلم الالكتروني، فضلاً عن حاجتهم الى اللمسة الإنسانية (Human Touch) والى التفاعلات الاجتماعية فيما بينهم وبين معلميهم والتي لا تتوافر الا في بيئات التعلم التقليدي.