
- المخدرات وعدم وجود قوانين رادعة وقلة الوازع الديني والألعاب الإلكترونية أهم دوافع العنف
- لا بد من الاهتمام بالأنشطة المدرسية بعد فترة الدوام الرسمي لاستغلال أوقات فراغ الطلاب
بين الفينة والأخرى تفجع الكويت بجرائم قتل متنوعة ومتوحشة، وبعيدا عن ردة الفعل الاعلامية والزعم المصاحب بها، إلا أننا سرعان ما ننسى بل نتناسى الوقوف على تلك الحالات الدخيلة على مجتمعنا ومحاولة علاجها. لقاؤنا مع استاذ المناهج وطرق التدريس بكلية التربية بجامعة الكويت د.وليد خالد العنزي، والذي تحدثنا معه عن أسباب زيادة حالات العنف في المجتمع بشكل كبير فضلا عن بشاعة ارتكاب الجرائم التي أصبحت ترتكب في وضح النهار وعلى مسمع ومرأى من الجميع، كما تحدثنا عن سبل العلاج والوقاية، وكيف يمكن الحد من تلك الظاهرة من خلال تضافر جهود كل مؤسسات الدولة.. وإليكم تفاصيل اللقاء:
بداية، ما كلمتك بشأن انتشار العنف والجريمة في المجتمع؟ وبرأيك، ما دور التعليم في كبح جماح الجريمة والحد من انتشارها في المجتمع؟
٭ تراجع التعليم ساهم في ظهور الجريمة وتفشي العنف بالمجتمع الكويتي، فالتعليم هو المأوى والملاذ للفرد لتكوين بيئة آمنة تنعم في كنفها الأسرة، ويتحقق الاستقرار للمجتمع، فصلاح المجتمع لا يتحقق دون صلاح التعليم. وفي الحقيقة، نحن أمام كارثة مجتمعية ناتجة عن قصور في المؤسسة التعليمية بصورة مباشرة، وهذا مما لا يدع مجالا للشك بأهمية الملف التعليمي في الدولة، بل على رأس الأولويات التي يجب ان تكون لها وقفة جادة من قبل المؤسسة التشريعية والتنفيذية، فلابد أن نتشارك جميعا في مسؤولية القضاء على العنف والجريمة في المجتمع. وأؤكد في هذا المقام أن صلاح المجتمع لا يتحقق دون صلاح التعليم. وأستذكر كلمة د. غازي القصيبي «رحمه الله» عليه بعد قرن من معايشته للتنمية نظريا وواقعيا قوله: «الطريق الى التنمية يمر أولا بالتعليم وثانيا بالتعليم وثالثا بالتعليم، التعليم باختصار هو الكلمة الأولى والأخيرة في ملحمة التنمية».
أسباب العنف
ما أسباب انتشار حالات العنف مؤخرا في المجتمع؟
٭ المجتمع الكويتي يفجع دوما بجرائم متعددة، وهناك أسباب متعددة، وبحسب دراسة قامت بها جامعة الكويت عبر مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية حددت 12 سببا للجريمة، 8 من تلك الأسباب لها ارتباط بشكل مباشر وغير مباشر بالتعليم، وبالتالي لابد من تضافر مؤسسات الدولة، وتكون بيئتها الحاضنة لتنظيم الأنشطة هي المدارس والجامعات.
ومن تلك الأسباب عدم وجود قوانين رادعة، فمن أمن العقوبة أساء الأدب، وأؤكد على أهمية وجود قوانين رادعة لمثل تلك الجرائم وتطبيقها على الجميع بالإضافة إلى قلة الوازع الديني وهو دور مؤسسات المجتمع المدني كافة سواء داخل الأسرة أو المدرسة أو الجامعات أو المساجد، ومن الأسباب كذلك العنف في الألعاب الالكترونية، والذي يمثل نسبة 10% من اسباب ارتكاب الجرائم، وكذلك اصدقاء السوء بنسبة 9.9%، لذا نؤكد على أهمية حرص الأسرة على انتقاء أصدقاء ابنائهم والمراقبة باستمرار فضلا عن عدم استغلال أوقات الفراغ بالشكل الصحيح، فلابد على الدولة القيام بمسؤوليتها في توفير بيئة صالحة للأبناء في اوقات فراغهم، ومن أسباب انتشار العنف والجريمة كذلك إدمان المخدرات، فنجد أن 70% من أسباب ارتكاب الجرائم مؤخرا في الكويت كانت بسبب المخدرات، بالإضافة الى سبب آخر يعود الى تعنيف الطفل من قبل الوالدين، فيفترض أن تكون الأسرة ملجأ ومحضنا واحتواء لأبنائها، ومن الأسباب كذلك الاضطرابات النفسية، خاصة أن غالبية مرتكبي الجريمة في الكويت يعلنون أن لديهم ملفا في الطب النفسي، ونتساءل هنا: لماذا لم يتم علاج ذلك الشخص؟ وعلى من تقع مسؤولية وجود هذا الشخص دون علاج فعلي، لاسيما أننا أصبحنا نرى جرائم من الشخص المريض نفسيا على والده أو والدته بالطعن والقتل، لذلك لابد ان تكون الأسر حريصة على علاج أبنائها. من ناحية أخرى، أود أن أشير الى قصور المناهج التدريسية بنسبة 7.5%، لذلك نحتاج الى تعزيز الجهود المجتمعية وتواجد مؤسسات بالدولة منها الهيئة العامة للشباب والهيئة العامة للرياضة والمركز العلمي ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي والمركز الوطني للثقافة والفنون والآداب داخل المؤسسات التعليمية في المدارس والجامعات والأندية الرياضية.
أيضا من اسباب انتشار العنف ممارسة الوالدين العنف على مرأى ومسمع من أبنائهم بما يولد لديهم ميولا نحو العنف، فضلا عن الإحباط الذي يعاني منه المجتمع الكويتي مؤخرا بسبب الأخبار السلبية المنتشرة، وبالتالي فإن وجود الشخص في بيئة من التذمر والإحباط السلبي يخلق لدى الفرد رغبة في تفريغ ذلك الكبت بصورة ممارسات عنيفة.
اضافة إلى ذلك، نجد غياب الانشطة المدرسية «ما بعد فترة الدوام الرسمي»، لذلك نشدد على دور وزارة التربية في تنظيم الرحلات المدرسة والأنشطة الاجتماعية والرياضية والثقافية واستغلال طابور الصباح والفرص الدراسية في تنظيم أنشطة تفيد الطلبة.
جائحة كورونا
هل جائحة كورونا كان لها دور في زيادة معدلات العنف؟ ٭ جائحة كورونا كانت لها تداعيات بشكل سلبي على الافراد والمجتمع من ارهاصات اجتماعية واقتصادية ونفسية، وقد زادت حالات العنف خلال جائحة كورونا لأسباب نفسية واجتماعية وضغوط تعرضت لها الأسر من مشاكل نفسية وخلافات زوجية بما أثر على المجتمع وأدى الى ارتفاع معدل ارتكاب الجرائم.
التكنولوجيا سلاح ذو حدين ايجابي وسلبي، هل ساهمت هذه التكنولوجيا في تعزيز الميول نحو العنف خاصة مع الألعاب الإلكترونية التي تحرض على العنف؟ ٭ الألعاب الالكترونية الممارسة من قبل الأطفال والمراهقين، بل احيانا من الكبار ومنها لعبة «البابجي»، تصور مشاهد حية افتراضية من خلال الواقع المعزز بأنه متواجد في ساحات الحرب والمعارك، وبالتالي يتعلم الطفل أنواع الأسلحة والرصاص، وقد شاهدنا كثيرا جرائم قتل حدثت مؤخرا في أميركا شبيهة بالألعاب الإلكترونية.
ما الحلول من وجهة نظرك للقضاء على العنف والجريمة في المجتمع؟
٭ لابد من تضافر الجهود ببرنامج عملي من قبل وزارة الشباب وهيئتي الشباب والرياضة بالتعاون ومد يد العون لوزارة التربية واستثمار المدارس بجميع مرافقها واستغلالها من قبل هيئتي الشباب والرياضة بجميع كوادرها من خلال استثمار طاقات ابنائنا في المدارس بأنشطة متنوعة وبرمج ترفيهية ومسابقات ثقافية باستراتيجية تربوية مقننة تستهدف طاقات شبابنا في أوقات فراغهم وصقل مواهبهم وتنميتها في بيئة آمنة تحفظ السلوك وتصون القيم والاخلاق.
فحص دوري ومفاجئ للطلبة
أكد د.وليد العنزي على دور وزارة الصحة في استغلال العيادات الطبية المتواجدة في المدارس من خلال عمل فحص دوري وبشكل مفاجئ لجميع الطلبة للتأكد من صحة الطالب واكتشاف حالات تعاطي المخدرات، بحيث تحفظ النتائج ويتعامل معها بسرية تامة تحفظ خصوصية سجل التاريخ الطبي للطالب، فالأمر يحتاج الى تدخل جراحي سريع يحفظ ما تبقى من نزف شباب الوطن ومستقبله الواعد.
دعم الجمعيات المتخصصة في التوعية بمخاطر الإدمان
أشاد د.وليد العنزي بالدور الذي تقوم به جمعية بشائر الخير وجميع القائمين عليها برئاسة د. عبدالحميد البلالي، مشيرا إلى أن تلك الجمعيات بحاجة إلى دعم دائم لتقوم بدورها على أكمل وجه. وتابع العنزي ان تلك الجمعية متخصصة في التوعية بمخاطر الإدمان على المخدرات والحد من ظاهرة انتشارها ومد يد العون والمساندة الى تلك المبادرات بالتنسيق والمشاركة معها في العمل للحد من آفة المخدرات.
المصدر: شبكة الأنباء