
عبدالعزيز الفضلي
في ظل تراكم المطالبات المتواصلة من الكوادر التربوية بضرورة إنصافهم في شغل المناصب الإشرافية، اتخذت وزارة التربية خطوة إصلاحية مهمة لمعالجة أحد أقدم الملفات وأكثرها تعقيدا في الميدان التربوي، والمتمثل في ملف الوظائف الإشرافية التعليمية الذي ظل لسنوات طويلة عالقا بين طموحات المرشحين ومحدودية الشواغر المتاحة.
وكشف تقرير لوزارة التربية خاص في هذا الشأن تلقت «الأنباء» نسخة منه انه منذ أعوام، يعاني أصحاب الوظائف الإشرافية التعليمية من طول الانتظار لتسكينهم في مواقعهم المستحقة، إذ تجاوزت فترات الترقب في بعض التخصصات 6 إلى 7 سنوات، نتيجة التزاحم الكبير على عدد محدود من المقاعد الإشرافية.
وأشار التقرير إلى أن الوزارة واجهت عبر تعاقب إداراتها هذا التحدي المستمر في ظل محدودية الشواغر مقارنة بأعداد القوائم المتزايدة، ما جعل الملف من أكثر القضايا الإدارية تعقيدا في المنظومة التعليمية، موضحا انه رغم الجهود المبذولة بوزارة التربية، إلا أن الحلول التي طرحت لم تسهم في إيجاد معالجة جذرية، الأمر الذي دفع الوزارة في مراحل معينة إلى إغلاق بعض طلبات التقديم للوظائف الإشرافية التعليمية، تفاديا لتراكم أعداد المرشحين وطول قوائم الانتظار، واستجابة لمطالب الميدان التربوي بالإضافة إلى جمعية المعلمين الكويتية، سعت الوزارة إلى دراسة هذا الملف ووضع حلول عملية قابلة للتنفيذ تضمن العدالة والاستقرار الوظيفي.
وذكر انه في عام 2023، أطلقت وزارة التربية خدمة إلكترونية عبر موقعها الرسمي تتيح للمرشحين الاطلاع على ترتيبهم في قوائم الانتظار، في خطوة هدفت إلى تعزيز الشفافية وتمكينهم من متابعة دورهم بشكل مباشر، إلا أن هذه الخطوة، رغم أهميتها في توضيح الصورة، لم تسهم في حل جوهر المشكلة، إذ ظل الملف عالقا بين آمال مؤجلة وواقع يفتقر إلى رؤية واضحة وآلية تطبيق عملية، في وقت استمر فيه المرشحون في دوامة الانتظار والغموض حول أعداد الشواغر وخطط التسكين، لافتا إلى أنه وقبل صدور القرار رقم (116)، شهد الملف حالة من الغموض وعدم وضوح المسار لعدم وجود معايير دقيقة أو ضوابط منصفة تنظم عملية الترقية والتسكين، ما أدى إلى تراكم قوائم الانتظار لسنوات طويلة دون حلول واقعية، وقد ترتب على ذلك حرمان بعض المستحقين من التقديم، نتيجة وقف فتح الشواغر لبعض التخصصات التعليمية، الأمر الذي أوجد فجوة في العدالة وتكافؤ الفرص بين العاملين في الميدان التربوي.
وبين التقرير انه من هذا المنطلق، جاء القرار رقم (116) الذي أصدره وزير التربية م.سيد جلال الطبطبائي، ليضع حدا لحالة التداخل والغموض التي ظلت ترافق عملية التسكين، حيث نص القرار على وضع معايير واضحة ومسار دقيق يضمن العدالة والشفافية في شغل الوظائف الإشرافية التعليمية، ويحقق مبدأ تكافؤ الفرص بين العاملين في المدارس والإدارات التعليمية، موضحا ان القرار تضمن مجموعة من الضوابط التي تهدف إلى رفع كفاءة القيادات التربوية، أبرزها تحديد شروط وآليات شغل الوظائف الإشرافية وفق معايير تتيح للكفاءات المؤهلة لتولي المناصب القيادية، واعتماد دورات تدريبية لمدة سنتين لضمان جاهزية المتقدمين وتمكينهم من أداء مهامهم بكفاءة عالية، إلى جانب إدراج معايير حديثة تتماشى مع متطلبات الميدان التربوي واحتياجاته الفعلية. كما أتاح القرار لأصحاب قوائم الانتظار فرصة معادلة نتائج المقابلات والاختبارات السابقة وفق ضوابط محددة تحفظ حقوقهم، مع اعتماد الخبرة الميدانية كأحد الأسس الرئيسية في المفاضلة والترقية، بما يشجع الكفاءات الوطنية على تولي المناصب الإشرافية.
وكشف التقرير البيانات المتاحة قبل صدور القرار عن اختلال واضح في منظومة التسكين، إذ بلغ عدد المنتظرات لتولي مهام الإشراف في رياض الأطفال نحو 967 متقدمة مقابل حاجة فعلية لا تتجاوز 22 وظيفة فقط، أي أن فترة الانتظار قد تمتد نظريا لأكثر من 43 عاما في حال استمرار النظام السابق دون تعديل، وتكررت الصورة ذاتها في تخصصات أخرى مثل التربية الإسلامية واللغة العربية والعلوم للمرحلة الابتدائية بنات، حيث تراوحت فترات الانتظار بين 4 و5 سنوات، مقابل أعداد محدودة من الوظائف المتاحة، مشيرا إلى انه تراوحت كذلك فترة الانتظار في بعض التخصصات مثل الدراسات العملية للمرحلة المتوسطة بنين 20 سنة تقريبا. والتربية البدنية للمرحلتين المتوسطة والثانوية حوالي 7 سنوات في حال كانت عجلة التسكين سنوية، ومع إغلاق باب التقديم للتخصصات المذكورة في قائمة الانتظار.
وبين أن هذه المؤشرات توضح أن استمرار نظام القوائم القديم بصورته السابقة كان يفتقر إلى العدالة والإنصاف، ويعاني غياب رؤية مؤسسية متكاملة تضمن تكافؤ الفرص بين جميع المرشحين، مشيرا إلى انه ومع تراكم قوائم الانتظار وتفاوت أعداد المرشحين بين تخصص وآخر، أصبحت الحاجة ملحة إلى مراجعة النظام برمته، فجاء القرار رقم (116) ليضع أسسا جديدة للمفاضلة والتعيين قائمة على الكفاءة والاستحقاق، عبر آلية تقييم تعتمد نتائج الاختبارات الإلكترونية والمقابلات الشخصية، وتضمن العدالة والشفافية في الاختيار.
المصدر: شبكة الأنباء




