أخبار الصحة

أزمة منتصف العمر (الرجال – النساء) – بقلم د. أشرف رضا

تعتبر مرحلة منتصف العمر فترة تشغل حيز الحياة ما بين الشباب والعمر المتأخر، وهذا ما نجده واضحاً فى نظرية مراحل تطور بلوغ الإنسان التى تحدث عنها العالم الامريكى )دانيال ليفينسون( ،حيث يمر الإنسان بعدة مراحل تبدأ بالطفولة ثم المراهقة ثم منتصف العمر، ثم الشيخوخة .

و لكل مرحلة من هذه المراحل طبيعة نفسية تختلف من فرد لآخر، وتحتاج إلى فهم وتعامل مختلف. وتعد مرحلة منتصف العمر من أصعب المراحل التي يمر بها الإنسان، حيث تبدأ تقريبا من منتصف الثلاثينات إلى الخمسينات من العمر وتعد على نفس أهمية وخطورة مرحلة المراهقة .

فهى مرحلة من الاضطراب الانفعالي الشخصى وتحديات التوافق التى يواجهها بعض الأفراد مصحوبة بالرغبة فى تغيير حياتهم والمخاوف والقلق الوجودى وتقدم العمر .

ورغم خطورتها إلا أنها المرحلة الأكثر غموضاً من اى مرحلة أخرى فى الحياة لأنها حظيت بقدر قليل من الدراسات والبحوث والفهم القليل لإدراك لما يحدث فيها على المستويين البيولوجي والنفسي، فهي أزمة نفسية أكثر منها عمرية أو زمنية يمر بها الرجل والمرأة وتسمى أزمة وجودية و تتفاوت من شخص لآخر و تتغير فيها ميول ورغبات الشخص عما سبق وتؤدي لحدوث تغير مفاجئ شامل في الشخصية من حيث الفكر واتخاذ القرارات وعلاقتها بالآخرين و يقل مستوى الرضا عن الحياة ، ولكل شخص رد فعل مختلف.

فهناك من يبادر بتغيير حياته وانطلاق غير عادى وغير محسوب فى العلاقات مع الجنس الأخر وهناك من يزهد الحياة وينصرف إلى الروحانيات والعبادات وينصرف عن الرغبات والشهوات الجنسية، وآخر يشعر بالأزمة ويكتم فى داخله ويستحى الخوض فى المرحلة ، ومن علامات الوصول إلى هذه المرحلة هي الاكتئاب الشديد والعزلة والانطوائية، والانتقاد المستمر للمحيطين له واختلاق المشاكل بسبب عصبيته وتوتره الزائد وخوف وقلق من الحياة والمستقبل وشعور كاذب ببعض الأمراض الجسدية والمبالغة فى الشكوى لجذب اهتمام الآخرين والخوف من علامات الشيخوخة على الوجه والشعور بخيبة أمل وندم على ما سبق من حياته، مما يجعل الرجل او المرأة يتخذان قراراتهما دون تفكير أو معرفة عواقب هذه القرارات، وذلك رغبة في التحرر من قيود الحياة والذي يترتب عليه التواجد بالجسد مع الأسرة ومنفصل عنهم فكريا .

أيضا الاهتمام باللبس والشكل ليبدوا اصغر من العمر و الانشغال الزائد بالجنس الآخر والرغبة الملحة في البحث عن علاقات عاطفية خارج الزواج لتجديد الشباب والمشاعر ورفض الأزواج لاى مبادرة عاطفية بينهم وسؤال النفس (هل إنا استحق الجوازة دى؟) (اكيد لو رجع بيا العمر كنت هختار شريك حياتي أفضل من اللي معايا الوقت ) والوصول إلى الانفصال العاطفي، ثم الروحي، ثم الجسدي، وأخيرًا القانوني والشرعي؛ أي الطلاق، وإذا قرَّرا الإبقاء على هذه العلاقة، فستصبح علاقةً هشة دون روح، يكون أحد طرفيها حزينًا دائمًا لأنه مجبر على الاستمرار فيها أو حدوث عكس كل ما سبق حيث الاستقامة فى الحياة الزوجية بعد تعدد العلاقات العاطفية والإحساس بتفاهة الحياة التي يعيشها .

اسباب ازمة منتصف العمر

• وجود تغيرات بيولوجية وهرمونية للرجال حيث ينخفض الهرمون الذكورى التستسترون، المسئول عن زيادة الخصوبة و القوة العضلية، لدى الرجال وهو ما يجعل الشخص يشعر بالتعب والإرهاق عند بذل مجهود، ومن الممكن أن يتسبب هذا الأمر في الإصابة بحالة من الاكتئاب.

• كما يتراجع إفراز هرمون الأستروجين عند المرأة والذي يترتب عليه بعض الأعراض، كالتعرق الغزير وسرعة دقات القلب، وما يعرف بالهبات الساخنة وهي شعور بالتوهج في الجسم والوجه والشعور بالاكتئاب.

• الفراغ الروحى والعاطفى والنفسى والعقلي لدى الأشخاص (رجل – امرأة)

• شعور المرأة أن تقدمها في العمر يهدد أنوثتها وجاذبيتها، مما يجعل زوجها يفكر في غيرها.

• تزايد المسئولية والضغوط التي يواجهها الرجل في الحياة في العمل أو الحياة الأسرية.

• يبحث الرجل في هذه المرحلة عن الثقة بالنفس، وقد يرجع ذلك إلى زوجته التي تقلل من شأنه، فيبحث عن هذه الثقة في امرأة أخرى تشعره برجولته واحتياجها إليه ويرى نفسه.

فيها وهل هو مقبول وله كاريزما أم لا ؟ ليؤكد لنفسه انه أفضل من شاب العشرينات ويدخل فى مرحلة انعدام التوازن العاطفى.

• البرود العاطفي الذي يعاني منه الرجل بسبب انشغال الزوجة بأبنائها وإهمالها في نفسها وعدم الإحساس بالعاطفة تجاه زوجها، ويصبح كل ما يشغل تفكيرها هو مستقبل أبنائها والاطمئنان عليهم.

• عدم اهتمام الرجل بزوجته واحتواء مشاعرها والبحث عن سعادتها وكيف يملأ قلبها وكيانها بوجوده فى حياتها وكيف يكون لها الزوج والحبيب والابن والأب والأخ والصديق .

• وسائل الإعلام والانترنت التى تصدر القبح الاخلاقى فى أن الرجل أو المرأة عندما يبلغ سن الثلاثين أو الأربعين يبحث كل منهما عن طرف آخر خارج المنزل لتجديد الحياة وتبادل المشاعر بحجة تغيير الروتين والبحث عن المتعة والشعور بوجوده فى الحياة .

علاج المشكلة وكيفية الخروج منها

يبدأ علاج أزمة منتصف العمر وتحويلها إلى فرصة منتصف العمر اى من أزمة (crisis) إلى تحول (Transformation) وذلك بوعي الرجل والمرأة بطبيعة هذه المرحلة، والتغيرات الفسيولوجية التي تؤثر في الحالة النفسية والعضوية، وانه يمكن عبور تلك المرحلة عندما يساند كل منهما الآخر، وذلك بان تتحلى الزوجة الصالحة بالصبر تجاه الزوج فى هذه المرحلة الهامة من حياته لانه يشعر بافتقاد الأمان والفراغ العاطفي ويحتاج إلى الاحتواء والاستماع والعناية وان تكونى زوجة تشعريه برجولته واحتياجك له فى حياتك و صديقة تسمع له ، وأخت حنونة يشعر معها بالأمان حتى لا يبحث عن أخرى غيرك تسمعه وتحتويه .

والاهم تقبل كل التغيرات الفسيولوجية التى تظهر على مظهره من علامات تقدم السن أو التغيرات النفسية كونى له عوناً للخروج من تلك الفترة التى تعتصر كيانه وتغير من شخصيته ، وللزوج الحنون المحب دورا هاماً تجاه شريكة حياته ، فيحتوى زوجته فى هذه المرحلة التى تعيشها من خوف وقلق من ظهور علامات التقدم فى السن وشعورها بأنها أصبحت غير جذابة لزوجها . كن لها زوجاً يشعرها بأنوثتها وجمالها . كن لها صديقاً يصدقها المشاعر ،كن لها آباً حنوناً وأخاً يسندها فى حالات ضعفها، شاركها مشاعرها ،فرحتها ،حزنها ،أملأ أنت حياتها بوجودك الجميل باختصار(كن أنت كل كيانها ) فازمة منتصف العمر تعتبر فرصة العمر فى التغيير لان كل أزمة فرصة للارتقاء و بناء النفس والخروج بها من البناء النفسي الضعيف إلى مرحلة تحول حقيقية فى الحياة والتغلب على صعاب التغيرات الفسيولوجية والنفسية وبناء جسور الحب والمودة بين الزوجين .

وأخيرا

لابد من الخروج من دائرة وسائل التواصل الاجتماعي والانشغال بالمنشورات والموضوعات التافهة الغير هادفة واستغلال الانترنت فى الثقافة والقراءة عن مراحل حياتنا وكيف نتعامل مع كل مرحلة حتى نخرج منها بأجمل ما فيها وتترك فينا الأثر الايجابي الذى لا نندم عليه طيلة حياتنا (اقرأ – تثقف –استنر- تغير –انجح) لأنك خلقت للأفضل والأحسن .

المصدر: شبكة الأنباء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى