
- الإصابة والتعافي يحفزان الأجسام المضادة ضد «كوفيد – 19» والفيروسات المتحورة عنه
- العمر والجنس وكتلة الجسم وارتفاع الضغط لم تظهر تأثيراً كبيراً على مستويات الأجسام المضادة
- النتائج أكدت ضرورة اعتبار مرضى السكري ضمن فئات الأولوية في برامج التطعيم ومنها التنشيطية
- الدويري: دور محوري لمعهد دسمان في إنتاج أبحاث علمية مشتركة لفهم واحتواء الجائحة
حنان عبدالمعبود
شدد علماء وباحثون في معهد دسمان للسكري على ضرورة أخذ الجرعة التعزيزية الثالثة ضد فيروس «كورونا- المستجد»، خصوصا للفئات المعرضة للخطورة العالية من كبار السن ومن يعانون من مشاكل صحية مزمنة في ظل ظهور متحورات عديدة آخرها المتحور «أوميكرون».
وكشفت دراسة حديثة قام بها عدد من الباحثين في المعهد، أن مرضى السكري والسمنة هم الأكثر عرضة للإصابة بالأعراض الشديدة لعدوى «كورونا» وذلك بسبب ضعف الاستجابة المناعية الفطرية والتكيفية والناتجة عن حالة الالتهاب المزمن منخفض الدرجة في هذه الفئة، والذي من الممكن أن يؤدي إلى تغير مفاجئ في التمثيل الغذائي.
وقال الباحثون الذين قاموا بإجراء الدراسة، إنه لم تكن هناك معلومات حول طبيعة الاستجابة المناعية لمرضى السكري والسمنة للقاح «كورونا»، ولهذا كان من الضروري إجراء دراسة متخصصة لفهم طبيعة استجابة هذه الفئة للتطعيم كونها من الفئة عالية المخاطر فيما يتعلق بأعراض عدوى الجائحة، وكذلك تزايد المصابين بالسمنة والسكري.
وقد بادر معهد دسمان للسكري بدعم من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي وبالتعاون مع وزارة الصحة وباحثين من جامعة الكويت بإجراء هذه الدراسة على أكثر من 1500 شخص ممن تلقوا لقاح «كورونا» بمختلف أنواعه، وقد اعتمدت الدراسة على تحليل مستويات الأجسام المضادة لفيروس «كورونا» وكذلك اختبار مستوى تحييد الأجسام المضادة للفيروس في عينات الأشخاص المشاركين بالدراسة.
فئات الأولوية
وفي الدراسة تم تسجيل تحفيز قوي للأجسام المضادة لفيروس كورونا في مرضى السكري رغم أن معدلات هذه الأجسام أقل من المعدلات التي تكون في الأشخاص الأصحاء، وتشير هذه النتائج إلى وجوب اعتبار مرضى السكري ضمن فئات الأولوية في برامج التطعيم لاسيما الجرعات التعزيزية.
وقد أظهرت الدراسة أن العمر والجنس ومؤشر كتلة الجسم وارتفاع ضغط الدم لم تظهر تأثيرا كبيرا على مستويات الأجسام المضادة، ما يعني أن المراقبة المستمرة لـ IgG الخاص بـ SARS-CoV-2 ومعادلة توصيف الأجسام المضادة قد يكون نهجا عمليا لإستراتيجية توجيه الجرعات، خاصة أولئك الذين يعانون من مرض السكري من النوع الثاني للحصول على جرعات معززة للحفاظ على المناعة المكتسبة من لقاحات «كوفيد- 19».
تحديد الأولويات
ومن الجيد أن نتائج الدراسة تتماشى مع خطة وزارة الصحة التي اعتمدتها في تحديد الأولويات حيث تم إعطاء مرضى السكري من النوع الثاني أولوية عالية للتطعيم بالإضافة إلى الجرعة المنشطة.
كذلك قيم الباحثون في المعهد بقياس أثر الإصابة والتعافي من عدوى «كورونا» على مستويات الأجسام المضادة مع جرعة أو اثنتين من التطعيم المتوافر في الكويت ضد «كورونا، وتبين أن الإصابة والتعافي من العدوى ينتج عنه تحفيز قوي للأجسام المضادة لفيروس كورونا.
وهذه النتائج تؤيد إجراءات وزارة الصحة والتي أعطت أولوية التطعيم لمن لم يصب بعدوى كورونا في حال شح إمدادات اللقاح، وهذا يسلط الضوء أيضا على الكفاءة العالية التي تدير بها وزارة الصحة الأزمة الصحية بالبلاد.
كما قام الفريق باستخدام نماذج رياضية لدراسة مستويات الأجسام المضادة وانخفاضها مع الوقت ووجد الباحثون أن مستويات الأجسام المضادة للفيروس تنخفض بوتيرة متسارعة بعد حوالي 150-200 يوم من الجرعة الثانية، مما يشير إلى أهمية الحصول على الجرعة التعزيزية بعد حوالي 6 -9 أشهر من الجرعة الثانية لتعزيز مستوى الأجسام المضادة أي المناعة.
دور محوري
وتعليقا على أهمية هذه الدراسة، قال المدير العام لمعهد دسمان للسكري د.قيس صالح الدويري: رغم أن المعهد صرح بحثي وطبي متخصص في مجال الأبحاث والرعاية والتدريب حول مرض السكري ومضاعفاته، إلا أن المعهد لا يألو جهدا جنبا إلى جنب مع وزارة الصحة لاحتواء هذه الأزمة بشكل فاعل وسريع منذ بدايتها، بكل ما تقتضيه مقومات ومعايير البروتوكولات العالمية في هذا الخصوص.
وأضاف أنه تم وضع بروتوكول تعاوني وعلمي وبحثي بين الوزارة ومعهد دسمان للسكري للقيام بفحوصات الخارطة الجينية بين الوزارة والمعهد، والذي جار العمل وفقه منذ مدة، وبناء على ذلك فقد كرس باحثو وعلماء المعهد المزيد من جهودهم ووقتهم لدعم جهود الدولة في مكافحة هذه الجائحة وتعزيز الأبحاث لرصد الفيروس بشكل مستمر للتمكن من التعرف بسرعة على سلالاته المتحورة إذا استجدت، وذلك بسبب معدل انتشاره السريع، ومنذ ذلك الوقت توصل المعهد إلى عدة بيانات ومعطيات أسهمت وتسهم في فهم واحتواء هذه الجائحة بشكل أفضل، وذلك أثبت أن دور المعهد ريادي ومحوري على المستوى الوطني للقيام بأبحاث تعاونية مشتركة مع اهم المراكز البحثية العالمية.
واختتم د.الدويري حديثه بتقديم الشكر إلى مجلس إدارة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي ومديرها العام وكذلك مجلس إدارة معهد دسمان للسكري ورئيس مجلس أمناء المعهد، على دعمهم المستمر على كافة الأصعدة.
فهد الملا: «الإنترفيرون» قد يكون مسؤولاً عن تباين الأعراض عند مرضى «كورونا»
بين الرئيس التنفيذي لقطاع الأبحاث في معهد دسمان للسكري البروفيسور د.فهد راشد الملا، أن نتائج بحث جديد شارك فيه المعهد أوضحت أن أكثر من 10% من الشباب والأشخاص الذين لا يعانون من مشاكل صحية مزمنة والذين يصابون بالأعراض الشديدة لعدوى «كورونا» لديهم أجسام مضادة لكنها لا تهاجم الفيروس، بل تهاجم الجهاز المناعي الذاتي للشخص.
وبينت نتائج البحث التي نشرت في ورقتين في مجلة Science الأميركية المرموقة، أن 3.5% من المرضى التذي شملهم الدراسة يحملون نوعا معينا من الطفرات الجينية التي تؤثر سلبا على قدرة الجسم في مهاجمة ومقاومة فيروس الكورونا بسبب افتقارهم إلى النوع الأول من الإنترفيرون، وهي مجموعة من 17 بروتينا مهما لحماية الخلايا والجسم من الفيروسات.
وأضاف أنه سواء تم تعطيل هذه البروتينات بسبب ما يسمى الأجسام المضادة التلقائية، أو لم يتم إنتاجها بكميات كافية بالأساس بسبب حمل الشخص لطفرة بالجين المسؤول، فإن الدلائل تشير الى أن ذلك عامل مشترك لدى مرضى «كورونا» الذين يعانون من حدة الأعراض.
وأشار البروفيسور د.الملا إلى أن هذه النتائج ساعدت في تفسير سبب إصابة بعض الأشخاص بهذا المرض بشكل أكثر حدة من غيرهم من نفس الفئة العمرية، وكذلك وجود مرضى استدعت حالتهم الدخول للعناية المركزة على الرغم من أنهم في العشرينيات من العمر ولا يعانون من أمراض أخرى.
د.حمد الياسين: ضرورة تعزيز المناعة للفئات عالية المخاطر
بين الاستاذ المشارك بمركز العلوم الطبية بجامعة الكويت، الباحث بمعهد دسمان للسكري د.حمد محمد ياسين، أن هناك العديد من المؤشرات الأولية التي تشير إلى أن المتحور اوميكرون أنشط من حيث العدوى مقارنة بـ«دلتا»، لكنه مرتبط بحسب البيانات متوافرة حتى الآن بأعراض أقل شدة، لكن بنفس الوقت لابد من التريث وعدم القفز للاستنتاجات والتعاطي مع البيانات بدقة.
وأشار إلى أنه من الضروري الحصول على المزيد من البيانات الإكلينيكية الميدانية لفهم طبيعة أعراض أوميكرون، وما إذا كان هناك ارتباط بين طبيعة الأعراض وفئات المرضى سواء من حيث العمر أو التطعيم أو المشاكل الصحية.
وأضاف: مع دخولنا موجة أوميكرون قد نكون بوضع أقوى مقارنة بالموجات السابقة، وذلك قد يرجع الى توسع برامج التطعيم خلال الفترة السابقة وكذلك وجود مناعة مكتسبة من الإصابة والتعافي من «كورونا»، لكن كما أشارت الدراسات التي قمنا بها فإن مستويات الأجسام المضادة المكتسبة من التطعيم والإصابات السابقة تتراجع بوتيرة متسارعة بعد عدة اشهر، وهنا تكمن أهمية الجرعات التعزيزية في تعزيز المناعة، خصوصا في الفئات عالية المخاطر.
وعن الناحية التطورية قال د.الياسين: إذا فرضنا أن هدف الفيروس هو البقاء والتكاثر والانتشار، فإنه سيميل غالبا إلى التطور ليصبح أنشط من حيث العدوى، لكن أقل شدة.
وطبعا هناك عوامل أخرى تؤثر في هذه العملية لكن بشكل عام يتوقع العديد من المختصين أن يسلك فيروس كورونا هذا المسلك ليتوطن ويبقى، وهنا قد تكون البداية للخروج من هذه الجائحة وتحول مرض كوفيد-19 الى مرض موسمي مرتبط بأعراض أخف.
فريق بحثي متخصصمن 3 جهات
ضم الفريق البحثي المتخصص الذي قام بإجراء الدراسة باحثين من 3 جهات، وذلك كما يلي:
من معهد دسمان للسكري هم: د.جهاد أبوبكر ود.محمد أبوفرحة ود. عبد المحسن التركي.
من جامعة الكويت كل من: د.حمد محمد علي ياسين ود.براك الأحمد ود.سلمان الصباح ود.عبدالله معيوف ود.محمد جمال ود.علي عبدالرحمن دشتي.
ومن وزارة الصحة ضم الفريق: د. محمد ميرزا ود.محمد الغنيم ود.علي الدعي ود.ميثم حسين ود.محمد شهاب.
وقاد المشروع البحثي الرئيس التنفيذي لقطاع الأبحاث في معهد دسمان للسكري البروفيسور د.فهد راشد الملا.
المصدر: شبكة الأنباء