أصدرت الحركة التقدمية الكويتية بياناً للرد على دعوات غرفة التجارة بإلغاء قرار تثبيت الأسعار، مطالبة بحزمة اجراءات لحماية الطبقة العاملة والفئات الشعبية من موجة الغلاء.
وأوضحت الحركة في البيان أن موضوع التضخم أو ارتفاع الأسعار ليس موضوعاً اقتصادياً فنياً بحتاً، بل إن الموضوع طبقي واجتماعي أيضاً، مشددة على رفض الانسياق وراء توصيف غرفة التجارة للحل المطلوب للتضخم أو ارتفاع الأسعار، رفضاً قاطعاً، داعية لتحميل الطبقة الرأسمالية العبء الأكبر من التضخم أو ارتفاع الأسعار. مشيرة إلى ضرورة تنفيذ إصلاح اقتصادي تقدمي عميق يستهدف تعزيز استقلال الاقتصاد الوطني عن الاقتصاد الرأسمالي العالمي.
ودعت إلى إيجاد ضمانات تتصدى لإمكانية الزيادة المتواصلة لأسعار السلع الأساسية، مع ضرورة تفعيل المادة الرابعة من القانون 49 لسنة 1982 في شأن زيادة مرتبات الموظفين المدنيين والعسكريين وزيادة المعاشات التقاعدية.
نصّ البيان:
صرح رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت أنه تلقى وعداً من وزير التجارة والصناعة برفع قرار تثبيت الأسعار، وأن ذلك قد يتم في منتصف شهر رمضان، وإننا في الحركة التقدمية الكويتية معنيون بهذا الموضوع من منطلق تمثيلنا لمصالح الطبقة العاملة والفئات الشعبية، والتي تقتضي مصالحها مقاربة موضوع التضخم أو ارتفاع الأسعار وفق الاعتبارات التالية:
1- ليست لدينا أوهام حول طبيعة النظام الاقتصادي القائم من حيث كونه نظاماً رأسمالياً تابعاً وطفيليأً، ما يؤدي إلى صعوبة ضبط الأسعار فيه بشكل دائم عبر اجراءات محلية فقط، ولكن هذه الإجراءات تبقى مهمة وضرورية لحماية المستهلكين من أصحاب الدخول المتدنية، ولمنع استغلال الوكلاء التجاريين والشركات التجارية المحلية للظروف الاقتصادية والصحية والسياسية العالمية المأزومة لفرض المزيد من الارتفاعات على الأسعار.
2- في الوقت نفسه يجب استيعاب أن موضوع التضخم أو ارتفاع الأسعار ليس موضوعاً اقتصادياً فنياً بحتاً، بغض النظر عما يقوله الرأسماليون وإعلامهم والاقتصاديون البرجوازيين، بل إن الموضوع طبقي واجتماعي أيضاً، فليست هناك «سلعة» واحدة، ولا «مستهلك» واحد، بل هناك سلع أساسية، وأخرى كمالية وفارهة، وهناك مستهلك ينتمي للطبقة العاملة، وآخر للطبقة الرأسمالية، وهمومهما تختلف بل وتتصادم، ونحن معنيون بتقليص أثر ارتفاع الأسعار على الطبقة العاملة والفئات الشعبية بالدرجة الأولى، وليس على الطبقة الرأسمالية.
3- بل إننا في الواقع ندعو لتحميل الطبقة الرأسمالية العبء الأكبر من التضخم أو ارتفاع الأسعار، وذلك عبر الضرائب على الأرباح والدخول وغيرها من الإجراءات الهادفة لتمويل الخزانة العامة وتقليل الفوارق الطبقية، فندعو لتحويل تلك الموارد لزيادات في الرواتب والأجور الدنيا والجامدة منذ سنوات في القطاعين العام والخاص، وذلك بهدف مواكبة التضخم أو ارتفاع الأسعار كما يقتضي القانون وتقتضي العدالة، وكذلك عبر تعزيز الدعومات لبعض السلع الأساسية، وأيضا لتمويل تنفيذ إصلاحات تقدمية عميقة تضمن قدرة المجتمع والدولة على المدى البعيد على إنتاج السلع الأساسية والاستراتيجية بجودة عالية وكمية كافية وأسعار مقبولة، وذلك لضبط الأسعار لصالح الطبقة العاملة والفئات الشعبية، بحيث لا نكون رهينة الظروف العالمية و«السوق والرأسماليين المحليين.
4- ومن هنا فإنه من المرفوض رفضاً قاطعاً الانسياق وراء توصيف غرفة التجارة للحل المطلوب للتضخم أو ارتفاع الأسعار، وهو «الانفتاح على كل الأسواق وتشجيع المنافسة ومنع الاحتكار بأي وجه كان»، فهذا وهم خطير، ولعل أفضل تجسيد لمدى انفصاله عن الواقع أنه صادر من قيادة مؤسسة تمثل هي نفسها أبرز القوى الاحتكارية والمعادية للتنافس في البلد، سواء كمجموعات تجارية عائلية ضخمة أو كوكلاء تجاريين احتكاريين، فكيف لمن يجسّد المشكلة أن يناقض نفسه علناً هكذا؟
5- في السياق ذاته، وتحديداً بشأن الدعوة لـ«الانفتاح على الأسواق»، فإننا نلفت الانتباه إلى ما كشفته أزمة أوكرانيا الحالية عن تساقط خطاب «التجارة الحرة» عالمياً و«فصل الاقتصاد عن السياسية» وغيرها من الشعارات الرأسمالية المضللة، والتي شاعت منذ نحو ثلاثين عاماً ويبدو أن غرفة التجارة لا تزال في قبضتها، رغم أنه اتضح جلياً أنه وعند أول تحد جدي للقوى الرأسمالية المهيمنة على العالم بقيادة الولايات المتحدة، فإنها سرعان ما ناقضت كل تلك الشعارات، وشرعت في عرقلة التجارة العالمية ومصادرة الأملاك وفرض العقوبات الاقتصادية الجماعية، وكل ذلك لأسباب سياسية ودون حتى إجراءات قضائية شكلية، وهذا ليس نهجاً جديداً لأن تاريخ الرأسمالية حافل بهكذا تناقضات، لكن الجديد مدى صفاقة الانقلاب بحيث بات صعباً التعمية عليه.
6- لذلك فإننا نستغل هذه الفرصة للدعوة للاستفاقة من الأوهام وللاستفادة من ارتفاع أسعار النفط لتنفيذ إصلاح اقتصادي تقدمي عميق يستهدف أيضاً تعزيز استقلال الاقتصاد الوطني عن الاقتصاد الرأسمالي العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة، بهدف حماية السيادة الاقتصادية والسياسية للكويت وتقليص فرص تعرضها للابتزاز الاقتصادي عبر التهديد بفرض العقوبات ومنع التصدير والاستيراد ومصادرة الاستثمارات والأملاك الخارجية، فالمطلوب تنويع العلاقات الاقتصادية مع مختلف المحاور الاقتصادية والسياسية عالمياً، ودعم الصناعات والخدمات المحلية الواعدة والمهمة بقوة ووفق خطة طويلة الأمد، وتعزيز دور الدولة الاقتصادي ليس بمعنى التنظيم والرقابة فقط، بل بمعنى تطوير وخلق وإدارة المؤسسات الاقتصادية المنتجة والاستراتيجية، بحيث لا تخضع فقط لاعتبارات السوق والربحية محلياً وعالمياً، بل للمصلحة الوطنية.
أما كإجراءات ملموسة على المدى القريب فإننا ندعو إلى:
أولا: توضيح السلع التي يشملها قرار رفع تثبيت الاسعار.
ثانيا: تعزيز قائمة السلع المدعومة والمشمولة بالبطاقة التموينية لأصحاب الدخول المتدنية.
ثالثا: إيجاد ضمانات تتصدى لإمكانية الزيادة المتواصلة لأسعار السلع الأساسية، ابتداء من ضبط حد أعلى للربح بعد احتساب كلفة الاستيراد، ووضع سياسة الأسعار السلع الأساسية تقوم على أساس المراقبة الصارمة، وإشراك المجتمع المدني وجهات المعنية بحماية المستهلك وإعطائه صلاحيات الرقابة الفعّالة للتصدي لرفع الأسعار.
رابعا: ضرورة تفعيل المادة الرابعة من القانون 49 لسنة 1982 في شأن زيادة مرتبات الموظفين المدنيين والعسكريين وزيادة المعاشات التقاعدية، التي تقضي بأن يعاد النظر كل سنتين على الأكثر من تاريخ العمل بهذا القانون في مستوى المرتبات والمعاشات التقاعدية على ضوء زيادة نفقات المعيشة، وذلك وفقاً للقواعد والأحكام التي يقررها مجلس الوزراء، خصوصاً أن آخر زيادة على رواتب تمت قبل عشر سنوات في العام 2012.
المصدر: صحيفة النافذة