أخبار عربية وعالمية

واشنطن بوست: روسيا تحقق أرباحا “هائلة” من بيع النفط رغم العقوبات

تواصل روسيا جني أرباح هائلة من نفطها، حتى في الوقت الذي يسعى فيه الغرب إلى فرض عقوبات جديدة على البلاد.

على الرغم من الإجراءات الصارمة التي اتخذها الاتحاد الأوروبي لخفض واردات النفط الروسي، فلا يزال لدى موسكو الكثير من المشترين – وبأسعار مرتفعة بما يكفي للحفاظ على عائدات الحكومة مرتفعة وتدفق الأموال إلى خزائنها.

وقبل الحرب مع أوكرانيا، باعت روسيا حوالي نصف إنتاجها البالغ 7.85 مليون برميل يومياً من النفط الخام والمكرر إلى أوروبا، ولكن مع الحرب وتعهد الاتحاد الأوروبي بإنهاء اعتماده فجأة على النفط والغاز الروسي، استفاد الكرملين من الأسعار العالمية المرتفعة بينما يبحث عن عملاء جدد ويعيد توجيه استراتيجيته التصديرية نحو آسيا.

وتُظهر المكاسب غير المتوقعة مدى صعوبة معاقبة قوة نفط وغاز كبرى مثل روسيا عندما يعتمد جزء كبير من العالم – وخاصة البلدان النامية – على الوقود التقليدي.

وحتى مع “التخفيضات الحادة في إنتاج النفط” المتوقعة هذا العام، فإن عائدات الضرائب الروسية “سترتفع بشكل كبير إلى أكثر من 180 مليار دولار بسبب الارتفاع الحاد في أسعار النفط،” وفقاً لتقديرات شركة أبحاث الطاقة Rystad Energy، وهو أعلى بنسبة 45% مما كان عليه في عام 2021.

وبشكل عام، يشير نمط حركة ناقلات النفط إلى أن صادرات روسيا من النفط الخام انخفضت بنسبة 20% على الأكثر، وهي نسبة متواضعة بالنظر إلى جهود العقوبات.

فيما تشير دراسة أجرتها شركة Spire Global، إلى أن ناقلات النفط الخام التي تغادر الموانئ الروسية انخفضت من متوسط 17 يومياً إلى 13 يومياً بعد إعلان العقوبات الأميركية في 8 مارس، وفقاً لما ذكرته صحيفة “واشنطن بوست”، واطلعت عليه “العربية.نت”.

التهديدات الروسية تعيد رسم خريطة الطاقة العالمية

لقد باعت روسيا النفط للهند والصين، اللتين تتمتعان باقتصاديات كبيرة سريعة النمو وتجاهلتا العقوبات الدولية المرتبطة بالحرب، حيث ارتفعت مشتريات الهند من النفط الروسي، الذي كان يمثل سابقاً أقل من 3% من استهلاك الهند، إلى نسبة أعلى من ذلك بكثير، فيما كانت الصين بالفعل أكبر زبون آسيوي لروسيا وتحتاج إلى النفط لتغذية صناعات السيارات والبتروكيماويات المزدهرة.

لكن الأسواق الآسيوية لها حدودها بالنسبة لروسيا، إذ إن لديها سعة خطوط أنابيب محدودة في المنطقة، ويتعين على ناقلات النفط التابعة لها القيام برحلات طويلة لتسليم حمولاتها، وبمرور الوقت، قد يؤدي ذلك إلى خسائر مالية لروسيا.

من جانبها، توقعت كبيرة المحللين في شركة Rystad Energy، داريا ميلنيك، أن إنتاج روسيا بحلول عام 2030 سيكون أقل بمقدار مليوني برميل يومياً عما كان عليه قبل الحرب – نتيجة الضرر الدائم من إغلاق الإنتاج في الآبار التي لا يمكن استعادتها.

وقالت ميلنيك في تقرير الأسبوع الماضي: “في هذه المرحلة المبكرة من العقوبات والحظر، ستستفيد روسيا لأن الأسعار المرتفعة تعني أن الإيرادات الضريبية أعلى بكثير مما كانت عليه في السنوات الأخيرة”. “سيستغرق تحويل الصادرات إلى آسيا وقتاً وستستغرق استثمارات البنية التحتية الضخمة التي ستشهد على المدى المتوسط انخفاضاً حاداً في إنتاج روسيا وعائداتها”.

رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين

جداول زمنية للحظر الكامل

إن طبيعة أسواق النفط والتغير البطيء في عادات الاستهلاك تعني أن النقص الصغير نسبياً يمكن أن يؤدي إلى زيادات كبيرة في الأسعار. لذا، في حين أن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين وعدت “بالتخلص التدريجي من النفط الروسي بطريقة منظمة” وبطريقة “تقلل من التأثير على الأسواق العالمية”، قال محللو النفط إن التغيير الهائل سيكون غير منظم، حيث تفسر العديد من أكبر شركات تجارة النفط في العالم كلمة “عقوبات الاتحاد الأوروبي، على أنها تحذير لإنهاء عمليات الشراء غير الملحة.

وقالت فون دير لاين: “سيكون هذا حظراً كاملاً على استيراد النفط الروسي، المنقولة بحراً أو عبر خطوط الأنابيب لخام النفط ونواتج التكرير”. وحددت جدولين زمنيين – الإلغاء التدريجي للإمدادات الروسية من النفط الخام في 6 أشهر والمنتجات المكررة بحلول نهاية العام.

بدوره، قال العضو المنتدب ورئيس الأبحاث في ClearView Energy Partners، كيفين بوك، إن فون دير لاين، كانت “تضع رهانين كبيرين” – أولاً، أن الإلغاء التدريجي البطيء يمكن أن يحمي أوروبا من الارتفاع المفاجئ في الأسعار، وثانياً، برنامج مرن للدول الأوروبية المترددة في إنهاء اعتمادها على منتجات الطاقة الروسية.

وقال بوك: “لا يبدو أي من الاقتراحين بمثابة ضربة قاضية”. “إذا كانت عقوبات الاتحاد الأوروبي فعالة ويتم فرضها، فإن أسعار النفط سترتفع على الجميع”.

وفي هذه الأثناء ارتفعت أسعار الديزل في أوروبا بالفعل، مما أضر بسائقي السيارات وشركات الشحن وسائقي الشاحنات.

وقالت شركة Kayrros، وهي شركة لتحليل بيانات الأقمار الصناعية، إن كمية النفط الخام في منشآت التخزين الأوروبية لا تزال “أقل بكثير” من النطاق الطبيعي في هذا الوقت من العام.

وقال تقرير لمجموعة أوراسيا: “إن الإلغاء التدريجي لاستخدام النفط الروسي من جانب الاتحاد الأوروبي، من المرجح أن يؤدي إلى اضطرابات مستمرة وبالغة الصعوبة في السوق العالمية حيث تقوم المصافي الأوروبية بتخزين الوقود ورفع أسعار الواردات الأخرى للاستعداد للحظر المفروض على الوقود الروسي. وبذلك، فإنهم سيشددون السوق العالمية لهذه المنتجات”. وأضاف بوك إن ذلك قد يزداد سوءا إذا فرضت مجموعة الدول السبع قيودا على التأمين على ناقلات النفط التي ترفع كثير منها أعلام دول أخرى.

وبدون تأمين، سيمتنع معظم مشغلي الناقلات عن إرسال سفنهم إلى روسيا. إذ يقوم العديد من مشغلي الناقلات أو عملائهم – مثل ريليانس إندستريز الهندية التابعة للملياردير موكيش أمباني، بأنواع أخرى من الأعمال التي قد تخضع لعقوبات الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي.

فيما يتعلق بإمكانية فرض عقوبات من مجموعة السبع على شركات التأمين، قالت شركة التأمين الفرنسية العملاقة أكسا الأسبوع الماضي إنها “تحترم تماماً جميع العقوبات الدولية السارية وتوقفت عن الاكتتاب في أعمال التأمين الجديدة فيما يتعلق بالأصول المملوكة لروسيا أو الموجودة في روسيا”. وردا على سؤال حول احتمال فرض عقوبات أوسع، قالت الشركة إنه من السابق لأوانه التعليق.

الهند ، روسيا

الهند ، روسيا

“العلاقة بين روسيا والهند أقوى بكثير من النفط”

وبينما يدرس الغرب كيفية تشديد العقوبات، أحرزت روسيا تقدماً نحو أهدافها. إذ امتنعت الهند، عن التصويت لإدانة روسيا في الأمم المتحدة، هي واحدة من الأماكن القليلة التي ترغب في شراء النفط الروسي، وقد تمكنت من الحصول على النفط الروسي بخصومات كبيرة تزيد على 30 دولاراً للبرميل.

وفي أبريل، ارتفعت مشتريات الهند، إذ اشترت 627 ألف برميل يومياً من خام الأورال الروسي القياسي، مقارنة بـ 274 ألف برميل يومياً في مارس.

وجاء الرقم اليومي لشهر أبريل عن مستوى 20 ضعف المتوسط اليومي للواردات الهندية من روسيا في عام 2021، وفقاً لشركة S&P Global.

وبلغ إجمالي استهلاك الهند من النفط العام الماضي 4.76 مليون برميل يومياً.

وكتبت RBC Capital Markets في مذكرة بحثية للعملاء هذا الشهر: “العلاقة بين روسيا والهند أكثر سمكا من النفط”. أشارت الشركة الاستثمارية إلى أن روسيا هي “واحدة من أكبر موردي الأسلحة للهند حيث يتم تجهيز أكثر من ثلثي الجيش الهندي بالمعدات الروسية”. وفي أواخر العام الماضي، جدد البلدان اتفاقية تعاون دفاعي مدتها 10 سنوات.

وتأتي التحديات اللوجيستية بمثابة التهديد الأكبر لاعتماد روسيا على الهند في تسويق إنتاجها، إذ يستلزم الأمر نحو أسبوعين حتى تنتقل ناقلة النفط من مورمانسك إلى أوروبا، مقابل شهراً للذهاب إلى الهند. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تتعامل مع المنافسة من العراق، المصدر المتنامي للنفط في آسيا.

إغلاقات كورونا في الصين

إغلاقات كورونا في الصين

التنين الصيني

على الجانب الآخر، تنظر روسيا إلى الصين باعتبارها سوقاً متنامية لنفطها، لكن الموجات الجديدة من فيروس كورونا دفعت الصين إلى حبس المواطنين في شنغهاي وبكين، مما أدى إلى انخفاض حاد في النشاط الاقتصادي وتقليص الحاجة إلى واردات النفط.

وقدّر المحللون أن الاستهلاك الصيني انخفض بمقدار مليون إلى 1.5 مليون برميل يومياً.

ولكن بدلاً من السماح للنفط بالتسرب إلى الأسواق العالمية، تعمل الصين على بناء صهاريج التخزين البرية لحالات الطوارئ المستقبلية. وأدى ذلك إلى تعويض، إلى حد كبير، إطلاق النفط من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي الأميركي وعزز الأسعار في الولايات المتحدة وأوروبا.

ولا يزال الاقتصاد الروسي مرناً بشكل مدهش في مواجهة العقوبات الدولية، كما أن السفر الجوي للروس آخذ في الارتفاع.

كما أن عدد ناقلات النفط الخام المحملة التي تغادر الموانئ الروسية في ارتفاع، مما يشير إلى استمرار صادرات الخام الروسية ومن المحتمل أن يخفف الضغط على صناعة النفط الروسية، ويؤكد ذلك تغييرات المخزون في محطات التصدير الروسية والتي تظهر أيضاً قوة عمليات التصدير.

وبالإضافة إلى الصين والهند، تذهب البراميل الروسية المخفضة إلى تركيا وجورجيا وبعض الدول الإفريقية.

حتى بعد الأخذ في الاعتبار الخصومات على النفط الخام، لا تزال روسيا تبيع الخام بنحو 70 دولاراً للبرميل – أعلى من الأسعار الرسمية التي تم فرضها خلال معظم السنوات الثماني الماضية، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.

بشكل منفصل، قالت شركة الغاز الوطنية الأوكرانية، نفتوغاز، الأربعاء، إنها لا تستطيع ضمان شحنات الغاز الروسي عبر الحدود الأوكرانية إلى أوروبا، بسبب “عمليات شراء غير مصرح بها” للغاز في المناطق المحتلة.

وقالت نفتوغاز في بيان “أوكرانيا لم تعد تتحمل مسؤولية نقل الغاز الروسي عبر الأراضي الأوكرانية الواقعة تحت الاحتلال العسكري الروسي”. وقال الرئيس التنفيذي للشركة يوري فيترينكو إن شركة الغاز الروسية العملاقة غازبروم ما زالت مسؤولة عن المدفوعات بموجب العقد.

وإذا لم يتم إعادة توجيه الغاز إلى مناطق أكثر أماناً، فقد يؤثر القرار على ثلث صادرات الغاز الروسي عبر أوكرانيا، أو أقل بقليل من 3% من الطلب على الغاز الطبيعي في الاتحاد الأوروبي، وبريطانيا بحسب معطيات وكالة الطاقة الدولية.

ناقلة نفط - صورة تعبيرية

ناقلة نفط – صورة تعبيرية

طريق الاتحاد الأوروبي

في غضون ذلك، أحرزت أوروبا تقدماً مفاجئاً نحو إنهاء اعتمادها على البترول الروسي. خلال الفترة من مايو 2021 إلى فبراير 2022، وصل ما معدله 5 ناقلات في الشهر إلى الموانئ الألمانية التي تحمل النفط الخام الروسي، وفقاً لشركة Spire Global، فيما انخفض هذا العدد إلى 3 نقالات في مارس، وفي أبريل، كان صفر.

ولا يزال بإمكان خطوط الأنابيب توفير إمدادات نفطية أخرى، لكن ألمانيا استبدلت جميع وارداتها الروسية باستثناء نسبة 12% التي تأتي عبر خط الأنابيب إلى مصفاة بي سي كي شويدت، على بعد حوالي 60 ميلاً شمال شرقي برلين.

والمصفاة مملوكة لشركة روسنفت العملاقة للنفط التي تسيطر عليها الحكومة الروسية، والشركة غير راغبة في التحول إلى مورد آخر.

فيما تعمل الحكومة الألمانية على تغيير القانون للسماح لها بمصادرة المنشأة. ثم يمكن أن تحل محل الخام الروسي بواردات أخرى يتم تسليمها عبر خطوط أنابيب غدانسك أو روستوك.

المصدر: العربية.نت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى