تتميز البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية بأنها تقاوم مجموعات مختلفة من المضادات الحيوية مما يؤدي إلى قدرتها الفائقة على إحداث الأمراض بل و التأثير على حياة المرضى . تنتشر هذه البكتيريا في جميع أنحاء العالم وتعاني منها معظم الدول لذا أصدرت منظمة الصحة العالمية العديد من القرارات والتوجيهات التي تهدف إلى الحد من انتشار هذه البكتيريا المؤثرة على حياة الإنسان عموما. تنتشر هذه البكتيريا عبر الأسطح الملوثة و عبر المأكولات والمشروبات كما تستطيع هذة البكتيريا نقل الجينات المقاومة للمضادات الحيوية بينها وبين بعضها.
تتنوع هذه البكتيريا بين البكتيريا سالبة الجرام و البكتيريا موجبة الجرام وأنواع أخرى عدة إلا أن البكتيريا سلبية الجرام هي التي تستطيع التأثير على حياة الإنسان بشدة خصوصا في الالتهابات المؤثرة على الجهاز التنفسي وكذلك في التهابات البطن وكذلك في الالتهابات التي تأتي بعد العمليات الجراحية الكبرى. يصبح تأثير هذه البكتيريا أكثر شدة عندما تصبح المناعة لدى مريض أو لدى الإنسان هي أقل ما يمكن ويحدث ذلك في الأطفال وكذلك في كبار السن كما يحدث في المرضى الذين يعانون من الأمراض المزمنة مثل مرض السكر وارتفاع ضغط الدم والأمراض التي تستدعي أ استخدام الأدوية التي تؤثر على المناعة مثل الكورتيزون والأدوية المثبطة للمناعة فيما بعد جراحات زراعة الأعضاء. عدم وجود الوسائل المعملية والإشعاعية المناسبة لتشخيص السبب الذي يؤدي إلى إلتهابات أي نوع البكتيريا المحددة تعتبر كذلك من الأسباب التي تؤدي إلى انتشار هذه البكتيريا إذ أن إعطاء المضادات الحيوية بدون تحديد السبب المباشر يؤدي إلى المقاومة للمضادات الحيوية المتتابعة. ولا يمكن إغفال الدور الهام جدا لاستخدام وسائل النظافة العامة في المنازل وفي التجمعات الكبيرة وكذلك في المستشفيات لا سيما وسائل غسيل الأيدي ومنع انتشار العدوى بعزل المرضى الذين يعانون من هذه البكتيريا في أماكن محددة وبناء عليه يتم غلق منافذ الانتشار.
ويمكن أن يعزى ارتفاع مقاومة مضادات الميكروبات إلى عدة عوامل. يلعب الإفراط في استخدام المضادات الحيوية وإساءة استخدامها في كل من البشر والحيوانات دورًا مهمًا في تطور البكتيريا المقاومة للأدوية. في كثير من الحالات، يتم وصف المضادات الحيوية دون داع أو استخدامها بشكل غير صحيح، مما يؤدي إلى ظهور سلالات مقاومة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن استخدام المضادات الحيوية في الزراعة، وخاصة في تربية الماشية، يساهم في انتشار البكتيريا المقاومة للأدوية عبر السلسلة الغذائية.
إن عواقب مقاومة مضادات الميكروبات بعيدة المدى ويمكن أن يكون لها تأثير عميق على الأفراد والمجتمع ككل. فالعدوى التي كان من السهل علاجها في السابق أصبحت الآن مهددة للحياة، مما يؤدي إلى زيادة معدلات الوفيات. وترتفع تكلفة الرعاية الصحية أيضًا بسبب الحاجة إلى أدوية أكثر تكلفة وأقل فعالية لمكافحة العدوى المقاومة. علاوة على ذلك، فإن العبء الاقتصادي الناجم عن مقاومة مضادات الميكروبات كبير، حيث تشير التقديرات إلى أنها قد تكلف الاقتصاد العالمي تريليونات الدولارات بحلول عام 2050 إذا تركت دون رادع
لكي نستطيع منع انتشار هذه البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية يجب أولا أن نرشد استخدام المضادات الحيوية إذا أن التعرض للمضاد الحيوي هو الخطوة الأولى لكي تستطيع هذه البكتيريا أن تتعرف عليه وبناء عليه تستطيع أن تنتج المواد الكيميائية التي تقاوم المضاد الحيوي. لذا فإن إصدار السياسات والقرارات الحكومية التي تؤدي إلى ترشيد استخدام مضادات الحيوية ليس فقط في الإنسان ولكن كذلك في استخدامات تربية الحيوانات و في الزراعة هي خطوة أساسية تهدف إليها منظمة الصحة العالمية كما تهدف إليها نقابة الأطباء وكذلك وزارة وزارة الصحة المصرية. وعلاوة على ذلك، ينبغي بذل الجهود للحد من استخدام المضادات الحيوية في الزراعة. ويمكن تحقيق ذلك من خلال لوائح ومبادئ توجيهية أكثر صرامة لاستخدام المضادات الحيوية في تربية الماشية، فضلا عن تشجيع الممارسات الزراعية البديلة التي تقلل من الحاجة إلى المضادات الحيوية.
بالتناغم مع هذه القرارات لابد أن يصبح المريض المصري ملما بأهمية الاستخدام الرشيد للمضادات الحيوية وأن ارتفاع درجة الحرارة مثلا ليس مرادفا لاستخدام مضادات حيوية إذا أن السبب الأعم والأغلب في ارتفاع درجة الحرارة هو الالتهاب الفيروسي الذي لا تؤثر عليه مضادات الحيوية بل على العكس قد يؤدي استخدام المضادات الحيوية إلى القضاء على البكتيريا المفيدة لجسم الإنسان والموجودة بشكل عام في جسم الإنسان ويصبح استخدام مضاد حيوي هنا خاطئا تماما.
لا بد أن يكون دور الجمعيات العلمية الطبية المصرية مثل الجمعية المصرية للرعاية المركزة و علاج الإصابات و الجمعية المصرية للمضادات الحيوية و منع العدوى متمركزا حول زيادة الوعي ليس فقط داخل المستشفيات ولدى الأطباء ولكن أيضا في المجتمع بشكل عام وهنا نقصد المجتمع المدرسي ومجتمع الكليات ومجتمع التجمعات الكبيرة مثل الشرطة والجيش وخلافه لكي يساعد المجتمع في استخدام الرشيد للمضادات الحيوية وبناء عليه يتم الحد من خطر هذه البكتيريا شديدة التأثير على الحياة.
والتعاون بين البلدان ضروري أيضاً في التصدي بفعالية لمقاومة مضادات الميكروبات. إن انتشار البكتيريا المقاومة للأدوية لا يعرف حدودا، وبالتالي فإن الاستجابة العالمية المنسقة ضرورية. ويتضمن ذلك تبادل البيانات وأفضل الممارسات، فضلاً عن العمل معًا لوضع مبادئ توجيهية دولية لاستخدام المضادات الحيوية.
وفي الختام، فإن مقاومة مضادات الميكروبات هي قضية ملحة تتطلب اهتماما عاجلا. ومن خلال رفع مستوى الوعي، وتشجيع الاستخدام المسؤول للمضادات الحيوية، والاستثمار في البحث والتطوير، وتعزيز التعاون الدولي، يمكننا أن نعمل على تخفيف تأثير مقاومة مضادات الميكروبات. ومن خلال الجهود الجماعية فقط يمكننا ضمان استمرار فعالية المضادات الحيوية وحماية الصحة العامة للأجيال القادمة
المصدر: شبكة الأنباء