هادي العنزي
أسدل الستار امس على دورة الألعاب الأولمبية الـ 32، «طوكيو 2020» ذلك «الأولمبياد الاستثنائي» الذي تأجل لعام كامل بسبب جائحة وباء كورونا التي أحدثت خسائر عالمية عالية في الأرواح، وتسببت بأزمات مالية عاصفة لعديد الدول، ورغم الظروف الاستثنائية التي عانى منها الرياضيون في «طوكيو 2020»، إلا أنه يعد أفضل حالا من مناسبات ثلاث ألغي فيها التجمع الرياضي الأشمل في العالم، الأولى في برلين 1916 (بسبب الحرب العالمية الأولى)، وأولمبياد 1940 في اليابان بسبب حرب «بلاد الشمس المشرقة» مع الصين في الحرب العالمية الثانية، والثالثة عام 1944 في بريطانيا.
وشهد هذا الأولمبياد إجراءات صحية صارمة، واحترازات وقائية، خوفـــا من تفشي فيروس «كوفيد-19»، وإضافة 5 ألعاب جديدة هي: الكراتيه، والتزلج على الألواح، والتسلق، وركوب الأمواج، والبيسبول (أسقطت بعد أولمبياد بكين 2008)، ومشاركة قياسية للمرأة الرياضية بنسبة 48%، من إجمالي حضور 11326 رياضي، في 324 مسابقة لـ33 رياضة مختلفة، جاؤوا من 206 دول، متفوقا على أولمبياد ريو دي جانيرو بالبرازيل بـ 126 رياضيا من حيث العدد.
10 رياضيين.. وميدالية واحدة
جاءت محصلة العرب بواقع 18 ميدالية متنوعة تصدرتها قطر بذهبيتين وبرونزية، فيما حصد الوفد الأولمبي الكويتي المشارك بـ 10 رياضيين، ميدالية برونزية واحدة حققها الرامي عبدالله الرشيدي في «سكيت»، لتكون الثانية تواليا لبطل العالم بعد أولمبياد 2016، وهو إنجاز يستحق الإشادة والتقدير بلاشك لكنه لا يرضي الطموح المتصاعد للشباب الكويتي، وإن كان وفدنا يعد من بين الأقل عددا، وليس من مقارنة تذكر بينه ـ من حيث العدد ـ مع الوفد الأميركي الأكبر في طوكيو 2020 بـ 613 رياضيا، أو أكبر وفد عربي مشارك (مصر بـ 133 رياضيا)، لكننا وبالوقت نفسه لسنا في أول الطريق الأولمبي من حيث المشاركات أو الإرث الرياضي الكبير، حتى نرضى ونقنع بميدالية يتيمة فقط، حيث يكشف ترتيب الوفود أننا في موقع متأخر، فالحصول على ميدالية واحدة لا يسمح لك بتجاوز قائمة طويلة من الوفود الرياضية وبالأخص العربية التي حققت ميداليات متنوعة، وإن كبرت الأمنيات.
القيادة الشابة تصنع الأمل
لعل ما يدعو للتفاؤل توافر عدة عناصر مهمة لأي رياضة تسعى للتفوق العالمي، أولها غنى الكويت بالعناصر الموهوبة في جميع الألعاب، وهم يشكلون العنصر الأساس، واللبنة الأولى للرياضة، ففي ألعاب القوى هناك مواهب واعدة مثل مضاوي الشمري، كما أن الرماية متجددة حاضرة بمجموعة كبيرة من مواهب الرماة، وأيضا المبارزة حيث الواعد محمد الفضلي وأقرانه يوسف وبندر الشملان، وفي الكراتيه نجد محمد الموسوي الذي يحتاج الى خبرات دولية للتقدم في سلم الترتيب العالمي، وغيرهم الكثير في العديد من الألعاب.
كما أن الدعم الحكومي الكبير ممثلا بالهيئة العامة للرياضية، والتي قال نائب مديرها العام د.صقر الملا يوما خلال اجتماعه مع حشد من اللاعبين: «كل الدعم للرماية، ولو اختاروا أي مكان في العالم لإقامة معسكر تدريبي لتمت الموافقة عليه فورا»، ضاربا مثلا صادقا لما تحظى به الرياضة من رعاية كبيرة ودعم لا متناه على مختلف الصعد، والأمر ليس حصرا على الرماية بعينها، بل ينسحب كذلك إلى العديد من الرياضات، وينطبق على جميع الموهوبين بمختلف ألعابهم.
ويكمن العنصر الثالث في توافر المنشآت الرياضية، والتي تعد جيدة مقارنة بالكثير من الدول التي حققت نتائج متميزة في «طوكيو 2020»، خاصة بعدما تم تشييده من مجمعات رياضية متكاملة في السنوات القليلة الماضية.
وهناك عنصر رابع يتمثل فيما تحظى به الرياضة الكويتية من قيادة شابة للجنة الأولمبية الكويتية، برئاسة الشيخ فهد الناصر الطامح إلى تحقيق نقلة نوعية في جميع الرياضات، فهو لا يدخر جهدا في دعم ومساندة جميع الرياضيين، متسلحا بفريق متميز منهم القيادي العالمي ورئيس الاتحاد الدولي للسباحة حسين المسلم، ورئيس اللجان المنبثقة عن اللجنة الأولمبية الشيخ مبارك النواف، والسيدة ذات القدرات التخطيطية العالية فاطمة حيات.
ولعل العقبة الوحيدة في تحقيق التواجد القوي على منصات التتويج تتمثل في الافتقار للرؤية المتقدمة، وغياب الخطط الاستراتيجية لدى أغلب الاتحادات سواء فردية كانت أو جماعية، وتلك مأساتنا.
تجربة قطر.. ونجوم المستقبل
ولعل تجربة قطر التي تقدمت ركب الدول العربية في حصد الميداليات، بذهبيتين أحرزهما الرباع فارس حسونة، وبطل الوثب العالي معتز برشم، وثالثة برونزية حصدها ثنائي الكرة الطائرة الشاطئية شريف يونس وأحمد تيجان، تدل على نجاح الاستثمار في العناصر الفردية الموهوبة كمشاريع رياضية متكاملة، فهم أقل كلفة، وأطول عمرا، علما أن هناك العديد من الواعدين سواء في الوفد الأولمبي الكويتي المشارك في «طوكيو 2020»، أو من لم تسنح له الفرصة بالمشاركة في عدة ألعاب مختلفة، وليس الرماية حصرا، قادرون على أن يكونوا رقما صعبا في أولمبياد باريس 2024، والفوز بأكثر من ميدالية، متى ما بدأ العمل على تحضيرهم بأفضل السبل منذ اليوم وليس الغد.
المصدر: شبكة الأنباء