سلط الباحثان الاستراتيجيان رسلان بوخوف وكريستوفر مارش، في تقريرهما المشترك، الذي تم نشره بمجلة National Interest الأميركية، الضوء على أهم ما ورد في بحث مقارن عالي الجودة في الظاهرة العالمية في مجال العمليات العسكرية العالمية الخاصة، التي يُشار إليها بقوات “النخبة” أو “الصفوة”.
كما أبرز التقرير أهم ما تطرق إليه باحثو المركز البحثي الروسي لتحليل الاستراتيجيات والتقنيات CAST، في دراسة تحمل عنوان Elite Warriors: Special Operations Force From Around the World، أو “مقاتلو النخبة: قوة العمليات الخاصة في جميع أنحاء العالم”، والتي وصفها بوخوف ومارش قائلين: إنها “تعد دراسة ممتازة ومدروسة بشكل منهجي لمختلف وحدات المهمات الخاصة من جميع أنحاء العالم”.
معلومات غير شائعة
وأشار التقرير إلى أنه في حين أن المعلومات حول قوات العمليات الخاصة الأميركية والبريطانية المعروفة مثل قوة النخبة “دلتا” في الجيش الأميركي أو فريق SEAL Team Six التابع للبحرية الأميركية أو قوات العمليات العسكرية الجوية الخاصة البريطانية SAS شائعة إلى حد ما، فإن الباحثين في المركز الروسي لتحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيا قاموا بجمع ملفات تعريف تفصيلية لوحدات أجنبية من روسيا وأوكرانيا والصين وغيرها لا يمكن العثور عليها في أي مكان آخر.
فيلق القدس
وكتب كريستوفر مارش في مقدمته: “تظهر المقالات العلمية بشكل متزايد في المجلات وبدأت المطابع العلمية في نشر المزيد من الكتب في هذا المجال، مع تزايد عدد الكتب حول الموضوعات ذات الصلة بسرعة كل عام”. ولكن كان هناك حاجة إلى إعداد بحث مقارن عالي الجودة في الظاهرة العالمية للعمليات الخاصة،” مشيرًا إلى أن هذا هو ما تقدمه بالفعل دراسة الباحثين الروس.
القوات الخاصة في 14 دولة
وأضاف مارش قائلًا: إن الدراسة تفي بمهمتها في سد “الفجوة من خلال تغطية التاريخ والبيئة التشغيلية الحالية لقوات العمليات الخاصة لأربعة عشر دولة في العالم، من بينها العديد من الدول التي تميل إلى الحصول على اهتمام أقل في وسائل الإعلام باللغة الإنجليزية، مثل إيطاليا وبولندا”، مشيرًا إلى أن بعض من أفضل الفصول وأكثرها تفصيلاً في الدراسة تتعلق بقوات العمليات الخاصة الأجنبية المألوفة فقط للمتخصصين الإقليميين المتخصصين.
قوات “سبيتسناز” الروسية
ويلفت التقرير إلى أن من بين الفصول الأفضل في الدراسة ما تناوله الباحثان أليكسي رام وأليكسي نيكولسكي بشأن تفاصيل قوات العمليات الخاصة الواسعة النطاق في موسكو وجهود الكرملين المستمرة لإصلاح تلك الوحدات. يقدم رام تفاصيل إصلاحات ما بعد الاتحاد السوفيتي لقوات النخبة الروسية “سبيتسناز” وأدوارها ومهماتها المتطورة. كما يقدم تفاصيل حول تدريب الوحدات المختلفة ومعداتها وقيادتها وسيطرتها.
فيما تقدم فصول نيكولسكي مقاربة تأريخية أكثر للموضوع، إذ يستعرض تفصيليًا تطور قوات العمليات الخاصة السوفيتية والروسية والكواليس السياسية وراء تلك القرارات، حيث كتب نيكولسكي قائلًا: “بصرف النظر عن الخصومات الشخصية والشجار بين الوكالات والغموض العقائدي، فإن إنشاء “سبيتسناز”، التي يشار إليها اختصارًا بـSSO، قد تأخر أيضًا بسبب نقص الأموال اللازمة لأي إصلاحات عسكرية ذات مغزى”.
ويأخذ الباحث نيكولسكي القارئ من تركيز الحقبة السوفيتية على الحرب النووية، من خلال أفغانستان والتجارب الروسية في القوقاز وأوكرانيا إلى الصراع الدائر اليوم في سوريا. من المؤكد أن القراء سيستمتعون بقصة إنشاء قيادة العمليات الخاصة الروسية SSO، على غرار قيادة العمليات الخاصة الأميركية المشتركة، لا سيما مع استمرار تطورها.
كتب نيكولسكي: “من شبه المؤكد أن قدرة SSO ستستمر في التحسن، وستستمر قوتها العددية في النمو”. “لكن التحسن الجذري، الذي من شأنه أن يضع القوات الخاصة الروسية في نفس المستوى مع نظيرتها لأميركية سيتطلب إنشاء وحدة هليكوبتر خاصة، أو تحديدًا إنشاء مكافئ روسي للفوج 160 للعمليات الخاصة في الجيش الأميركي.”
فيلق القدس
وتشمل النقاط البارزة الأخرى في الدراسة، ما كتبه الباحث يوري ليامين في الفصل الذي يتناول قوات العمليات الخاصة الإيرانية وفيلق القدس، والذي غالبًا ما تواجهه القوات الأميركية ولكن لا يعرف الكثيرون في واشنطن معلومات كافية عنه. كتب ليامين: “إن (فيلق القدس) في الحقيقة [هو عبارة عن] جهاز استخبارات متخصص ومدرب ومجهز لممارسة نفوذ سري وتنفيذ مهام سياسية خارجية حساسة. ولكنه يختلف تمامًا عن المخابرات العسكرية العادية للحرس الثوري الإيراني، و[التي يقتصر دورها على مجرد القيام] بخدمة جمع معلومات استخبارية بحتة”.
القوات الخاصة الصينية
ويتطرق التقرير أيضا إلى ما كتبه فاسيلي كاشين بشكل تفصيلي عن قوات العمليات الخاصة التابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني، والذي اشتمل على تقديم الكثير من المعلومات غير المعروفة على نطاق واسع. كتب كاشين: “بدأت جمهورية الصين الشعبية في بناء عنصر العمليات الخاصة لقواتها المسلحة في وقت متأخر كثيرًا عن معظم القوى العسكرية الرائدة في العالم”، مفسرًا أن “قرار بكين لتطوير قدرات العمليات الخاصة كان مدفوعًا بنزاع حدودي طويل الأمد مع فيتنام، والذي استمر طوال معظم حقبة الثمانينيات من القرن الماضي. وتم إعطاء الأولوية لبرنامج SOF بعد أن قيام الصينيون بتحليل وأبحاث حول الدروس المستفادة من حرب الخليج الأولى في 1990-1991”.
للعلماء والمتخصصين
ويرى بوخوف ومارش أن الدراسة، بشكل عام، تعد مصدرًا، تم إجراء أبحاثه جيدًا بشكل استثنائي، وتشكل موردًا قيمًا للباحثين، الذين يدرسون قوات العمليات الخاصة، لا سيما القوات الخاصة غير الأميركية أو البريطانية. يقدم كل فصل من الفصول – التي هي في الأساس أوراق بحثية قائمة بذاتها – تحليلات مفصلة لقوى الدول المختلفة – غالبًا مع تفاصيل غير موجودة في أي مراجع أو دراسات أخرى، ومن ثم فإن العلماء والمهتمين والمتخصصين سيجدون الأقسام المتعلقة بروسيا وأوكرانيا وإيران والصين مفيدة بشكل خاص.
المصدر: العربية.نت