أدب وثقافة

«فوق الرأس»… طه قرني ينظر للبسطاء بعين طائر!

كأنها صور ملتقطة من أعلى بعين طائر يحلق فوق رؤوس البشر، وهي إجمالا لم تختلف من حيث الرسالة التي تحملها، وهي الاقتراب من عالم البسطاء بعاداتهم وتقاليدهم الشعبية الموروثة، لذا أراد أن يضعهم – مجازا – فوق رأسه إعزازا وتقديرا لهم، ومن هنا كان عنوان معرضه الأحدث في “قاعة إبداع للفنون التشكيلية” بضاحية الزمالك.,وعن المعرض قال قرني: “قدمت في أعمالي السابقة مجموعة من الجداريات تحت عناوين: سوق الجمعة، والمولد، والزهور، والثورة، والإفطار الأخير، والزار، وعزبة الصعايدة، ومن مصر، والآن أقدم معرضي فوق الرأس، الذي أرصد فيه هؤلاء البسطاء الذين يمثلون ملح الأرض، وهم جهة الإلهام بكل ما يحملون من تقاليد وعادات وطقوس توارثناها، ولا تزال موجودة بصورة أخرى أبحث عنها بدأب لأعيد صياغتها تشكيليا، ولينتصر الإنسان البسيط الذي شكل هذه الحضارة، والمنتج الإنساني المصري المبهر في كل شيء، ووضعتهم في لوحاتي فوق الرأس”.,وتابع: “قدمت رؤية لا تقف عند خط المنظور، بل جعلت أبطالي يشاهدونا من جميع الزوايا، وجعلتهم هم من يشاهدون الزائرين، حتى يكونوا شهودا، وأكون قدمت مذكراتي التشكيلية انتصارا لهؤلاء البسطاء، فأنا واحد منهم أعيد جماليات حياتهم لتصبح جزءا من تاريخ الفن التشكيلي، وسيظل هؤلاء هم الأقرب لتصدير فكرة الآلام، مثل ما تحويه حياتهم الخصبة وكل ما يتحملونه من صعاب من أجل الحياة”.,

واقعية تأثيرية

,من جانبه، ذكر الناقد التشكيلي محمد كمال أن الفنان طه قرني لا يزال يواصل صياغة مشروعه الإبداعي المرتبط بالوجدان الشعبي المصري عبر أبنائه البسطاء، في تراكيب تصويرية تميل إلى الواقعية التأثيرية، منذ بداياته الأولى التي أسفرت عن عدة عروض تسيدها الحس الجداري، مثل “سوق الجمعة”، “المولد”، “الزار”، “عزبة الصعايدة”، ومؤخرا عرض “من مصر” الذي بدت فيه ملامح لمسرحة شخوصه، وهو ما يكمله طه في عرضه الحالي “فوق الرأس” الذي جنح فيه بوضوح إلى لعب دور محرك العرائس على المسرح الشعبي من منظور عين الطائر بتكثيف بنائي يكاد من خلاله يلملم أركان مشروعه التصويري الممتد بكسر للنمط المألوف في هذا النوع من الأداء”.,وأوضح كمال أن قرني استفاد في ذلك من دراسته الأكاديمية في قسم الديكور التعبيري بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية، وربما سمح له هذا بمهارة صهر العنصر البشري مع كل مفردات الصورة، مثل الخضراوات والفواكه والأسماك والطاولات والقطط والتنانير المزخرفة، دافعا بعناصر المشهد في المنطقة الفاصلة بين التفاصيل الواقعية وقدرات التلخيص، بما أوحى ببناء تصويري تجريدي وشيك يظل بين جنبات ذلك المسرح الشعبي الذي أضحى الفنان قرني لاعبا رئيسا على خشبته يحرك أبطاله حسب رؤيته الوجدانية والروحية لأبناء وطنه الذين يضعهم فوق رأسه”.,

أحمد الجمَّال

المصدر: جريدة الجريدة الكويتية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى