بعد مسيرة حافلة بالإنجازات ومحطات متميزة من المناصب الرسمية والمواقف الوطنية المشرفة بايعت الكويت في 29 سبتمبر عام 2020 سمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه أميرا للبلاد وقائدا لمسيرتها خلفا للأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه.
وفي ذلك اليوم الذي تحل ذكراه السنوية غدا الأربعاء نودي بسمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح ليكون الحاكم السادس عشر للكويت في ظل إجراءات سلسة لعملية انتقال مسند الإمارة كما عهدتها البلاد عند تولي حكام الكويت الإمارة خلفا لأسلافهم الكرام.
واجتمع مجلس الوزراء في ذلك اليوم ونادى بسمو الشيخ نواف الأحمد أميرا للبلاد باعتبار سموه وليا للعهد ووفقا لأحكام الدستور الكويتي والمادة الرابعة من القانون رقم 4 لسنة 1964 في شأن أحكام توارث الإمارة بما عرف عن سموه من حكمة وعفة وإخلاص وتفان لكل ما فيه رفعة الكويت ومصلحتها وأمنها وازدهارها.
وهكذا توج سموه أميرا للبلاد بعد نحو 58 عاما من العطاء في مناصب عدة خدم خلالها الكويت في عهد عدد من أمرائها الكرام ونال تزكيتهم وثقتهم جميعا وبدأها بتعيينه محافظا لمحافظة حولي ثم وزيرا للداخلية ثم وزيرا للدفاع فوزيرا للشؤون الاجتماعية والعمل ثم نائبا لرئيس الحرس الوطني فنائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للداخلية.
وكانت محطته الأخيرة قبل توليه مسند الإمارة هي ولاية العهد وفقا للأمر الأميري الذي أصدره الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد رحمه الله في السابع من فبراير عام 2006 بتزكية سمو الشيخ نواف الاحمد لولاية العهد لما عهد في سموه من صلاح وجدارة وكفاءة تؤهله لتولي هذا المنصب واستمر فيه 14 عاما سندا أمينا للأمير الراحل ومشاركا في اتخاذ القرارات التي تسهم في تطور البلاد والمحافظة على أمنها واستقرارها.
وفي 30 سبتمبر أدى سمو الشيخ نواف الأحمد اليمين الدستورية أميرا للبلاد أمام جلسة خاصة لمجلس الأمة وفق المادة (60) من الدستور التي تنص على أن “يؤدي الأمير قبل ممارسة صلاحياته في جلسة خاصة لمجلس الأمة اليمين الآتية..أقسم بالله العظيم أن أحترم الدستور وقوانين الدولة وأذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله وأصون استقلال الوطن وسلامة أراضيه”.
وبدأت البلاد في عهد سموه مرحلة تاريخية في مسيرة البناء والعطاء اكمالا للمراحل التي بدأها أسلافه الكرام كما بدأت خططا جديدة تعتمد فيها على معطيات الحاضر لبناء مستقبل زاهر تواكب فيه مستجدات العصر وتطوراته وتتبوأ المكانة التي تستحقها إقليميا وعالميا.
وشغلت القضايا المحلية الاهتمام الأكبر لدى سمو أمير البلاد خلال السنة الأولى من عهده الميمون نظرا لما عرف عنه من اهتمام بالغ بالتفاصيل التي تتعلق بشؤون الوطن وأمور المواطنين فضلا عن الظروف الطارئة التي شهدها العالم الناجمة عن انتشار فيروس كورونا المستجد والتي استدعت من سموه توجيه الجهات المعنية الى بذل جهودها الحثيثة للحد من تداعياتها على البلاد.
وفي الجانب الاقتصادي كان سموه يزود الجهات المعنية بالعمل على كل ما يسهم في تحفيز القطاعات الاقتصادية وتطوير منتجاتها وخدماتها وخلق فرص استثمارية تنافسية فضلا عن الاهتمام بالقطاعين الصناعي والزراعي وتطوير منتجاتهما وصادراتهما.
وأولى سموه اهتماما بالغا لفئة الشباب ووجه إلى العمل على رعايتهم وفتح آفاق المستقبل أمامهم من خلال تأهيلهم بأفضل الوسائل العلمية والأكاديمية وغرس القيم الكويتية الأصيلة في نفوسهم ليشاركوا في مسيرة التنمية والبناء باعتبارهم مستقبل الوطن وثروته الحقيقية.
وعلى الصعيد الإعلامي كان سموه يؤكد أهمية المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتق المؤسسات الإعلامية في التعبير عن قضايا البلاد وهموم المواطنين وفق ما تمليه عليها ضمائرها وتخاف الله في وطنها وشعبها.
وحرص سمو أمير البلاد على تكريم المواطنين أصحاب الإنجازات المتميزة والمبادرات الرائدة والإشادة بما حققوه من عطاءات وتشجيعهم على المزيد من التميز والنجاح ليسهموا في تطور وطنهم وازدهاره ورفع رايته في كل المحافل.
وتوجت جهود الكويت التي بدأها الأمير الراحل طيب الله ثراه وكثفها سمو الشيخ نواف الأحمد حفظه الله ورعاه في مجال المصالحة الخليجية العربية بتوقيع اتفاق العلا في الخامس من يناير الماضي على هامش القمة الخليجية التي عقدت في المملكة العربية السعودية ليتحقق الحلم الذي لطالما حرصت الكويت على رؤيته على أرض الواقع وكان لها الدور الكبير في التوصل إليه.
واستمر صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الاحمد الصباح حفظه الله ورعاه في النهج الذي سارت عليه الكويت فيما يخص علاقاتها مع أشقائها العرب فكان يحرص على التنسيق مع القادة العرب في كل ما يخص القضايا العربية والتعاون البناء معهم لحل المشكلات التي تواجه الأمة العربية مع التركيز على القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب الأولى.
واختط سمو أمير البلاد في علاقات الكويت مع دول العالم النهج الذي لطالما عهدته الكويت طوال العقود الماضية من حيث احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية والتمسك بالشرعية الدولية والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين وحل وتسوية النزاعات بين الدول عبر الحوار والطرق السلمية.
وقد ولد سموه في 25 يونيو 1937 وكان الابن السادس من الأبناء الذكور للامير الراحل الشيخ أحمد الجابر الصباح امير الكويت العاشر رحمه الله الذي تولى الحكم في الكويت ما بين عامي 1921 و1950 وكان القدوة لأبنائه وللحكام الذين أتوا بعده.
ولطالما كان سمو الشيخ نواف الاحمد قريبا من المواطنين طوال مسيرته السياسية فكانوا يشاهدونه في مناسباتهم المتنوعة ويستقبلونه في ديوانياتهم لمشاركتهم أفراحهم أو أحزانهم أو زيارة مرضاهم كما كان يستقبلهم لتلمس حاجاتهم وتلبية متطلباتهم.
ومنذ استقلال البلاد كان لسموه بصمة في العمل السياسي ففي 12 فبراير عام 1962 عينه الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح رحمه الله محافظا لحولي وظل في هذا المنصب حتى 19 مارس عام 1978 عندما عين وزيرا للداخلية في عهد الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح رحمه الله حتى 26 يناير 1988 عندما تولى وزارة الدفاع.
وبعد تحرير الكويت من الغزو العراقي الغاشم عام 1991 تولى سمو الشيخ نواف الأحمد حقيبة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في 20 أبريل 1991 واستمر في ذلك المنصب حتى 17 أكتوبر 1992.
وفي 16 أكتوبر 1994 تولى سموه منصب نائب رئيس الحرس الوطني واستمر فيه حتى 13 يوليو 2003 عندما تولى وزارة الداخلية ثم صدر مرسوم أميري في 16 أكتوبر من العام ذاته بتعيين سموه نائبا أول لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للداخلية وبقي في هذا المنصب حتى تعيينه وليا للعهد في عام 2006.
ويتميز سمو الشيخ نواف الأحمد بالحرص الشديد على تعزيز الفضائل والقيم ويؤمن بأهمية وحدة وتكاتف أبناء الكويت جميعا باعتبار أن قوة الكويت في وحدة أبنائها وأن تقدمها وتطورها مرهون بتآزرهم وتلاحمهم ووحدتهم وتفانيهم وإخلاصهم في أعمالهم.
المصدر: صحيفة النافذة